اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• معارضوا الأمس

حسين فوزي

معارضوا الأمس

 

في حقبة قبل عام 1956 كان أغلب من يحكمون من معارضي الحكومة يدانون بتهمة الشيوعية، و في متابعة لقضايا الشيوعيين من قبل الأمن العامة للنظام المخلوع، استدعي ضابط حدث عام 1985 السفير البعثي فاضل الشاهر ليسأله كيف أنت سفير في حكومة البعث وكنت شيوعياً حتى عام 1955؟

وبعد أن أجهز النظام السابق على الجبهة الوطنية التقدمية أواخر سبعينات القرن المنصرم، كان المعارضون يحاكمون بتهمة الإنتساب لأحد حزبين: الشيوعي أو الدعوة، وأعدم مواطنون كثر من أفكار ومذاهب متعددة بـ"جريمة" الإنتساب لهما.

كان للنضال ضد الدكتاتورية توصيفات محددة، بعضها متأتٍ من حقيقة أن هذين الحزبين قوتان رئيستان في فضح جرائم النظام، واحياناً تنفيذ نشاطات جريئة برغم القبضة القمعية. ولن يستطيع أحد إنكار أن العديد من الاحزاب الإسلامية كانت تؤمن بالمجتمع المدني، مع تباين درجة قبولها للمفاهيم الديمقراطية، لكن وكما تنقل العديد من الأدبيات فأن حزب الدعوة شخص الحاجة إلى النظام المدني الإنساني، وهذا يعني ضمناً الوعي بحقوق الإنسان، وهي جوهر الديمقراطية.

اليوم السلطة في أيدي قوى التحالف الوطني، والقائد العام للقوات المسلحة هو أمين عام حزب الدعوة، فهل يعقل أن يكون فصيل رئيس آخر من قوى معارضة النظام السابق بكل فعالية تستهدفه اليوم الاجهزة الأمنية؟ هل يعقل أن تكرس الأجهزة الأمنية جزءاً رئيساً من ملاكها لمراقبة الشيوعيين، فيما نحن أحوج ما نكون إلى مراقبة دعاة القتل الجمعي ومنفذيه، والعمل في الوقت نفسه على لم الشمل وترسيخ مؤسسات الدولة؟

علماً أن تظاهرات 25 شباط 2011 دعا لها وشارك فيها ليس الحزب الشيوعي وحده، إنما جمع غفير من المستقلين بجانب بعض الأحزاب، التي جميعاً أنضوت تحت لواء" التيار الديمقراطي"، وإحياء ذكرى مرور عام على تظاهرات 25 شباط لم يدعُ لها الحزب الشيوعي وحده، إنما شاركه فيها جميع الناشطين في التيار الديمقراطي، فهل يعقل أن تحرص الأجهزة الأمنية على مراقبة هؤلاء جميعاً، وهم مؤمنون بالدولة القائمة، لكن لديهم تحفظات على منهج العمل واسلوب التعامل الإنتقائي مع الدستور وحقوق القوميات والأفراد، منها المادة 140 على سبيل المثال، وإستكمال البنى التحتية للدستور بتشريع القوانين، بجانب غياب رؤية منهجية للحكومة في معالجة مشاكل المواطنين والإرتقاء بالخدمات المقدمة لهم، وضرورة منهجية تضمن توزيع عادل مدروس لموارد الدولة؟

إن مراقبة قوى سياسية تؤمن بإرتباط مصيرها بالتجربة الديمقراطية افتعال لخصومة، فيما الخصوم يتربصون كل أطراف العملية السياسية، سواء أكانوا أحزاباً دينية أو مدنية أو قومية، فهل نعي ضرورة الحرص على حماية حقوق كل العراقيين ضمن القيم الدستورية، وليس مراقبة نشطائهم؟؟!

ــــــــــــــــــــــ

جريدة "الاتحاد"

السبت 3/3/2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.