اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الاشوريون في التاريخ- الحلقـة العاشرة// يعكوب ابونا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يعكوب ابونا

 

عرض صفحة الكاتب 

الاشوريون في التاريخ- الحلقـة العاشرة

يعكوب ابونا

 

من لم يقرا التاريخ جيداً يبقى طوال عمره طفلا -  شيشرون .

 

   بعد وفاة الملك الاشوري ادد - نيرارى خلفه ابنه شيلمنصر الاول 1274 – 1245  ق. م, كان شليمنصر مولعا بالحرب، اذ يذكر عنه ل. دولابورت في ص 263 من كتابه تاريخ  حضارى بابل واشور، واصل فتوحات ابيه، فزحف على القبائل الارامية التى كانت تسكن في تخوم مملكته الغربية. ثم قام بثلاث حملات في منطقة كرخو قرب دياريكر وانتصر على شاتوارا ملك هنيرباط ـ ميتانية القديمة، كان هذا الملك قد تحالف مع الحيثيين والارامين. ولكن استطاع شلمنصر مد سلطانه الى حدود  كركميش على نهر الفرات. وارغم اللولوبيين على الخضوع له ودفع الجزية.

 

  ويذهب جورج رو ص 353 من كتابه العراق القديم: بالحديث عن  شلمنصر الاول بانه اخضع "الجبال المنيعة لاورورادي" اورارطو في ارمينيا" وبلد الكوتين المتضلعين بالمغازي ثم تحول ضد حلفاء الاشوريين السابقين وهم الحوريون فهاجم شاتوارا الذي يسميه ملك "هانيغالبات" وقراصنة من الحثيين والاحلاميين ودحرهم.

     ويذكر له احدى رسائل شيلمنصر الاول التي جاء فيها: (خضت غمار المعركة وانزلت الهزيمة بهم، وقتلت اعداد كبيرة من مقاتليهم وحلفاءهم الكثيرين ـ واستوليت على تسعة من معاقلهم وعاصمتهم وحولت مائة وثمانين مدينة (قرية) الى اكوام وخراب، وجعلت اراضيهم تحت نفوذى، واحرقت بقيــــــة مدنهم بالنيران" كما يتحدث عن تهجير 14400نسان من هانيغالبات.

 

  كان ذلك بسبب الاضطرابات التي استؤنفت في «هانيغالبات» ضد الملك شلمناصر. فما كان منه الا ان يجتاح المنطقة بكاملها، ولكن عنصراً المفاجه كان بظهور شعب جديد يدعم أهل هانيغالبات وهو "شعب أخلامو" المتحالف مع الآراميين، الذين شكلوا الموجة السامية الجديدة القادمة من الصحراء عند أواخر الألف الثانية، كما نجد تمرد بلاد هانيغالبات لقي من قبل الحثيين دعماً لم يقتصر فقط على المشاركة بالجنود بل شمل اجراءات أخرى بما فيها فرض العقوبات الاقتصادية على بلاد آشور..

 حتى وصل الامر بأن الملك الحثي في إحدى المعاهدات يفرض على «آمورو» (وهي دولة تابعة له في سوريا) شرطاً: جاء فيه «لا يجب لأحد من تجاركم أن يذهب إلى بلاد آشور، كما لا يجب عليكم إدخال أحد من التجار الأشوريين إلى أرضكم" ....

 

كان الحثيون مازالوا يشكلون القوة الدولية الرئيسة، لكن لم يدركوا اهمية ظهور قوة  اشور المتنامية. فنجد على الرغم من الاحتكاكات بين الطرفين، الا اننا نجد بان شلمنصر الاول شرع كما خليفته من بعده «توكولتي - نينورتا» في مباحثات دبلوماسية مع الملك الحثي، وكما تدل المقتطفات المفصلة من الرسائل المتبادلة لم يعد ملك الحثيين يزجرنظيره الاشوري، كما كان في الاول في زمن اشور– اوباليت " بل توجه اليه كندّ قائلا "يااخي" ..

كما قام بقمع الثورات التي اندلعت في اطراف دور- كوريكلزو المدينة الكاشية التي بناها كوريكلزو الاول ملك الكاشيين. وارغم الولومية، على الخضوع  له ودفع الجزية.

 

 ويضيف دي لابورت، وهكذا بعد ان بسط سلطان اشور على سائر بلاد ما بين النهرين، قرر نقل عاصمة ملكه من مدينة اشور القائمة على ضفة دجلة اليمنى، تحت مصب نهر الزاب الاعلى، فاختار مدينة "كلخ" كالح" على ضفة دجلة اليسرى، فوق المصب المذكور. وفي ايامه تهدم هيكل اشور ومعبد عشتار في نينوى من جراء زلزال على ما يبدو.

 ويستمر جورج رو، بسرد الاحداث فيقول، بان انتصارات شلمنصر ادت الى تقارب الحثيين مع المصريين، ولكن احراز الاشويورن انتصار في معركة كركميش ادى الى خسارة الحوريين لاخر معاقلهم، واصبحوا الاشوريين على ابواب سوريا،

 ويسرد لنا هنرى ساغس في ص 78 ومابعدها في كتابه جبروت اشور، بان بداية عهد شلمناصر الاول يعتبر مدخلا لبلاد اشور خلال القرون الخمسة التاليه، ففي مخطوطات شلمناصر نلتقى بمصطلح "اورواتري" "اراراتو" تسمية تشير الى مملكة قوية كانت تتمركز حول بحيرة "وان" الواقعة شرق تركيا وكانت تتمتع بالقدرة على تحدي الامبراطورية الاشورية احياناً، كانت بعهد شلمناصر عبارة عن اتحاد للشعوب القاطنة في الهضبة الارمنية، وشلمنصر يذكر ثمانية مناطق جبيلة تدخل ضمن هذه المنطقة، ويشير الى تدمير احدى وخمسين "بلدة" ويتحدث عن هجومه على اهل اورارتو لانهم تمردوا ، وهذا يعنى انهم كانوا ضمن رعاياه، او يمكن ان يكونوا ممن حاولوا الاندفاع نحو الجنوب الى المناطق التي كانت تعتبر اراضي اشورية، وقد يكون هذا الذي جعل شلمنصر ان شرع في كبح جماحهم انطلاقا من اعتبارات الامن  القومي. فاستطاع تامين الحدود الشمالية على الاقل،

 واما التطورات التي جرت بعهد شلمنصر الاول ميزت النظام الملكي في بلاد اشور، كان المعتقد الحقيقي لديهم بان الملك الحقيقي للبلاد هو الاله اشور، بينما كان الانسان مجرد حاكم من الناحية اللاهوتية، مجرد وكيل للملك السماوي، فسلطته كانت اكثر من مجرد سلطة انسان، لان ما يفعله هو لخدمة الاله، لذلك نجد شلمنصر الاول يعتبر نفسه "الراعي" المحدد من قبل السماء، الذي رفعته الآلهة فوق الجنس البشري. إنه من سمى ذاته راعي معشر الحواضر البشرية» و" الراعي الصالح"»،.

 

تبدو نشاطات شلمناصر على الحدود الشمالية أمراً يجاري المكانة الجديدة لمدينة نينوى المدينة العظيمة الجديدة في شمال بلاد آشور فها هي نصوص شلمناصر تذكر ترميم معبدٍ هناك وترميم معبدٍ آخر داخل العاصمة آشورذاتها مكرس للإلهة التي تسمى هنا «إلهـــة نينوى»، أي عشتار التي كانت تبجل في نينوى تحديداً. إن الألواح الفخارية التي تتعلق بالنش الاقتصادي والتي عُثر عليها في تل الرماح على بعد ما يقرب من ثلاثين ميلا إلى الغرب من نينوى (والتي تعود إلى أواخر عهد شلمناصر أو أوائل عهد خليفته تشهد على ازدهار التجارة في القطاع الشمالي من بلاد آشور بما في ذلك التجارة مع بلاد نايري الواقعة شمالاً في الأناضول..

ولاحقاً نجد أن شلمناصر لغايات تخص حماية التجارة  اقام حاميتين في اثنتين من المدن الواقعة على حدود نايري وهكذا نجد أنه بالرغم من ان بداية الألف الأولى حيث أصبحت نينوى هي العاصمة الآشورية (الرسمية) كانت مازالت بعيدة، فإن أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية بدأت تفوق أهمية مدينة آشور فـور مـا تخـامد التوسع الاشوري جنوباً وغرباً، وهذا ما يعكسه انهماك الملك شلمناصر بشؤون نينوى " هذا ما يذكره هنرى ساغس 81 " .

 

   وعند عزيز برخو عزيز في ص 19 من كتابه الاشوريون، يعد شيلمنصر الاول من الملوك الاشوريين العظماء وخاصة في حقل التوسع والفتوحات الخارجية وبعد ان توطدت شؤون المملكة بنى عاصمة جديدة هي كالحو نمرود الحالية.

 

بعد وفاة هذا الملك العظيم خلفه ابنه توكلتي – نينورتا " 1244 – 1208 ق م، الذي عرف عند اليونانيين باسم نينوس. وسار هذا الملك على سيرة ابيه في نشر السيطرة الاشورية ووسع حدود مملكته ووطد شؤونها فحارب ســـكـان بلاد الكوكو الواقعة في شمال بلاد آشور كما حارب بلاد الشوبارتو الواقعة شمال شرقها، ثم اغار على المناطق الشمالية الغربية حتى كوماجين، ثم توجه لمحاربة الحلف المنعقد في "نائيري" في نواحي بحيرة وان، الذي كان يضم 40 دويلة منتشرة في هذه المنطقة، واجبرهم على دفع الجزية، "المصدر ص 264 كتاب حضارة بابل واشور، ل ، دولابورت "..

 

 ويسرد هنري ساغس ص 81 وما بعدها من كتابه جبروت اشور، استمر زخم التوسع الاشوري على عهد توكولتي – نينورتا الاول ابن شلمناصر "1208 – 1244" يعد الملك الفاتح الذي يميل البعض الى اعتباره الاصل الذي اخذت منه صورة نمرود المذكورة في التوراة:

تكوين 10 : 8 -" وكوش ولد نمرود الذي ابتدأ يكون جبارا في الأرض 9 الذي كان جبار صيد أمام الرب."..

 

وهنالك كثير من القواسم المشتركة بين مآثر توكولتي نينورتا ومآثر أبيه وجده، وليس ذلك أمرا غريبا أن المسائل التي كانت ببلاد آشور لم تتغير من حيث الاساس، لكن توكولتي - نينورنا ذهب إلى ابعد من سلفه، فالتغلغل الاشوري زاد اتساعاً، ففتحت جيوشه منطقة الجبال الشمالية التي تسمى بلاد "القوطيين" وهو مملكة "أوكوميني" او "اوكوماني" ثم كوماتي"، كانت نتيجة الصدام بين الطرفين.

أصبح توكولتي - نينورتا سيد بلاد القوطيين الواسعة»، فأخذ أمراء «أوكوميني " سجناء الى مدينة آشور وفرض عليهم أن يؤدوا قسم الولاء ومن ثم سمح لهم بالعودة إلى بلادهم كاتباع آشوريين. وهنا نجد مرة أخرى الجانب الاقتصادي في الفتوحات الآشورية. فقد أصبح هؤلاء الأمراء التابعين خاضعين لأتاوة كانت تعني في الواقع أن عليهم تزويد الملك الآشوري باليد العاملة اللازمة لقطع الأخشاب ونقلها على هذا النحو بدأ توكولتي - نينورتا باستثمار الغابات الواقعة في شرق جبال طوروس لأجل مشاريعه المعمارية في بلاد آشور. بالاضافة ان الأمراء أن يجلبوا إلى مدينة آشور جزية سنوية،

 

     بعد ان استتبت له الأمور في الشمال اندار تو گولتي – نينورتا، وكما يذكر طه باقر ص 176 من كتابه تاريخ الحضارت، توجه نحو بلاد بابل، حيث كانت المصادمات الحدودية سمة دائمة للعلاقات الأشورية – البابلية خلال فترة طويلة،  لقد خرق الملك البابلي كاشتيلياش (1241 – 1232) ق. م. السلام حين هاجم  توكولتي - نينورتا المحب للسلام الذي سعى بصبر إلى حل النزاع بوسائل دبلوماسية إلى أنه لم يترك لتوكولتي - نينورنا خياراً سوى إعلان الحرب، فتم الإطاحة بالملك البابلي، وبقيت بابل تحكم من حکام آشوريين طوال سبع سنوات.

 ويضيف هنا جور ج رو، ص 354 ومابعدها، في ملحمة توكلتي ننورتا تقلى اللوم كله على الملك كاشتلياش الذي يتهم بانه قد حنث بوعده وتامر ضد اشور فاستحق ان تخلي الالهة عن بلده واندحاره، بعد ان اعتلى عرش بابل وبالتعاقب ثلاثة من الامراء الذين كانوا العوبة بيد الاشوريين، وهوجموا من قبل العيلامين الذين توغلوا في العمق حتى بلغوا  مدينة "نفر" ولكن البابلين استطاعوا بعد سبع سنين ان يعيدوا لانفسهم سلالتهم الوطنية فتقول احدى التواريخ البابلية " ثار نبلاء اكد وكاردونياش واجلسوا " ادد – شوم – اصر " على عرش ابيه..

ولكن يضيف دولايورت ص264، بان فتوحاته وصلت حتى الخليج العربي، كما شيد مدينة جديدة دعاها باسمه "كار -توكولتي – اينورتا" واوصل اليها الماء وبنى فيها هيكلا لاشور، وابتنى فيها قصراً له، وفيها اخر الامر اغتيل في ثورة قام بها ابنه " اشور – نادين – ابلا الاول.

 

كانت كل هذه الأمور تتميز ببعد ديني هام حيث لم تكن بابل بلاد البرابرة التي يمكن غزوها على منوال المناطق الواقعة خلف الحدود الآشورية الشمالية، بل كانت مصدر ومركز الحضارة وكانت العاصمة بابل قبلة دينية ذات قدسية كبيرة،  لذلك كان من شأن. ملحمة توكولتي- نينورتا اضافة الى الشعور القومية بالانتصار، تقديم التبرير اللاهوتي للإساءة التي لحقت بالشعور الديني، هكذا تفيد الملحمة بأن توكولتي - نينورتا قد فعل ما كانت القوى الإلهية تريد منه أن يفعله، وتروي أن الآلهـة البابليين وعلى رأسهم الإلـه الأعلى مردوخ قد أبدوا بأنفسهم عدم رضاهم عن كاشتيلياش "حاكم بابل" حين حرموه من علامات العطف والمعونة في مقاومته لتوكولتي - نينورتا ومن ثم تركوه كلياً وغادروا مدنهم. هكذا قـد حمد تو كولتي - نينورتا مادياً فكرة مغادرة الإله مردوخ لبابل، حيث نقل تمثال هـذا الإلـه إلى مدينة آشور، وعلى الرغم من أن بلاد بابل استردت استقلالها، الا ان التمثال  بقى هناك لمدة تكاد تقارب قرناً كاملاً..

 

ويذكر طه باقر في ص 167 من كتابه تاريخ الحضارات، بعد ان احتل توكلتي نينورتا مدينة بابل وضمها الى العرش الاشوري، وقضى على الملك البابلي كستلياش 1241 – 1232 "صار يلقب نفسه بملك سومر واكد واصبحت بابل تحت حكم الاشوريين سبعة سنوات، واما محمود امين ص 17 بان توكلتي – نبنورتا في بلاغ حربي له" اسرت في هذه المعركة كتستلياس ملك الكيشين وقبضت عليه بيدي ودست على خناقه الملكي برجلي كما ادوس على الكرسي وجلبته امام اشور مكبلا بالاغلال، ويضيف عليها جورج رو ص 355، "واخضعت بلاد سومر واكد حتى ابعد حدودها لسلطتي فامتدت حدود ارضي الى البحر الاسفل ذي الشمس المشرقة،"

 

ويكشف هنري ساغس ص 88 من كتابه عظمة بابل، بان تاريخيا كانت هذه اول مرة تصبح بابل تحت الحكم الاشوري، لقد كتب قصيدة دعائية تعرف باسم ملحمة توكولتي نينوترا، لتخلد هذه المغامرة الاشورية المرموقه، ولقد قام بنقل تمثال  الاله مردوخ من بابل الى اشور، ولقد وجدت بعد ذلك احدى الطقوس في مدينة اشور لم تكن معروفه سابقة ولاتعود لاله اشور الوطني، بل الى مردوخ اله بابل، ونتج  عن ذلك الاعتراف في اشور بعدد من الاله الاخرى البابلية فضلا عن مردوخ، ولكن عندما قامت ثورة في مدينة بابل، كما يذكر عزيز برخو ص 20 عن جورج رو، فما كان من الملك الاشوري الا ان يقضى عليها قضاء تاما بعد ان هدم سور المدينة وأمر بتهجير عدد كبير من سكانها ونهب المدينة وما فيها من كنوز وبعد ما فعل توكلتي - نينورنا ما فعله بمدينة بابل عاد الى بلاده،..

 

    بعد كل هذه الانتصارات وهذه الاعمال البطولية، جوبه بقيام ثورة ضده قادها ابنه اشور - نادين – ابلي، يؤيده نبلاء البلاد، فلم يكن له الا ان احتمى الملك في قصره ولكن تمكنوا منه اخيراً وذبحوه بالسيف...

 

   سوف نتحدث عن الاحداث  اللاحقة بعد مقتل الملك توكلتي – نينورتا، بعون الله..

 يعكوب ابونا ................ 15 / 9 /  2025

                                         

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.