مقالات وآراء
على حافة ايلول// نوال عايد الفاعوري
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 15 أيلول/سبتمبر 2025 20:38
- كتب بواسطة: نوال عايد الفاعوري
- الزيارات: 56
نوال عايد الفاعوري
على حافة ايلول
نوال عايد الفاعوري
في كل عام اقف حائرة اجمع أغراضي أو ما تبقى منها، لارحل بها لعامي الجديد، دائما اشعر بالخوف من العبور بين ضفتي عامي الجديد.
في كل عام اقف بمنتصف الطريق حائرة اخشى العبور، اخطو بقدمي فوق أيامي المتساقطة، أيام انا حائرة بينها، لا اعرف لها مسمى سوى أنها أيام قد مضت من عمري بكل ما تحمل من ذكريات.
احاول الابتعاد احاول البقاء ولكني في هذا العام لم اجمع أغراضي لانقلها معي إلى العام الجديد قررت الوقف وترتيب الحقائب من جديد، فقد نويت أن اخذ معي أشيائي الثمينة فقط، تلك الأشياء التي تستحق ان احتفظ بها.
في يوم ميلادي لا يحصل شيء مميز.
يضاف إلى رصيدي رقم جديد فقط
إلا أنني أُعيد فيه ترتيب الأولويات والأشخاص والأحلام والأمنيات، وهذا السبب كاف كي لا أنتظره بلهفة.
تغيّرنا كثيرًا، بقدر ما تغيرت شتاءاتنا وتغيرت سماؤنا
غريبة كيف هي العوالم التي نكون نحن حدودها، بين خارج مشرق وداخل معتم
أحاول الكتابة عني من كان قريب جدا لا يتجاوز ظلي، فيما أبحث عن ظل يناسب رحالي لألقي بها تحته.. في الظل نرى الأشياء واضحة، وفي الظل أراني واضحة لأكتب عني دون الحاجة لأن أستعير نور غيري.
في الظل كتبت رسائل إلى الله أخبرته أنني لم أعد أره فالمكان هنا في قلبي شديد العتمة وعيني قد أضعتهما حين علقت نظرتي بغيره..
كتبت له أن ذراعي قد أخذتهما الريح حين حاولت بحسن نية ضمها وسألته أن يهبني بدل ذراعي خمسة أذرع أحضن باثنتين ضلوعي المفككة وأربت بواحدة على كتفي المائلين من ثقل العالم وأخرى أشيح بها الحزن عن جبيني وواحدة ألوح بها للراحلين..
أخبرته أن قلبي غدا بحرًا تصب فيه كل أنهار الحزن في العالم وأنني حين كنت قطعة خشبية بإمكانها أن تطفو لم يفكر أحد في تعليمي السباحة، وأنني حين صرت قطعة من طين تركوني أغرق في بحار حزن لا تعنيني..
هنا حزن بعيد وحزن قريب
وبين حزن قريب وحزن بعيد يحفظ الحزن نسبه حزنًا عن حزن
هنا في قلب بحجم قبضة وقبضة ودت لو تشد عليه حتى لا ينفلت إلى عالم مليء بالهشاشة..
حين أكتب عن الحزن لا يعني هذا أنني حزينة بل أننا قد توصلنا لاتفاق أكون أنا فيه واجهة للحزن ويكون هو ظلي وأنه في اللحظات التي تكسر فيها السعادة شفتي يكسر هو عيني في الاتجاه المعاكس..
وقررنا أن نتقاسم هذا الكيان.. فيأخذ الحزن عمق قلبي ويترك لي طيش الكلام..
وفي هذه الأنا التي أقاسمها مناصفة وحزني ينفرط عمري لحظات لحظات أفوتها حين لا أكون فيها هنا كقذيفة تشظت وصار على كل شظية أن تتخذ لنفسها منحى بعيدًا تمارس فيه الحياة على هواها..
بعض الشظايا تؤذي
بعضها يجرح
بعضها تنمو عليه الطحالب
وبعضها يغمره التراب
ربما لست حزينة ولست سعيدة أيضا
أنا فقط عالقة في الإحداثيات ذاتها.
حين كنت صغيرة رأيت أول حلم لي وأخبرت الجميع أنني رأيت الله في الحلم ولم ينزعج مني الله..
لكن الجميع انزعجوا وأخبروني أن الله لا يأتي في الأحلام وأنه سيغضب حين ندعي ذلك ولذا ينبغي أن نخشى غضبه.. لم يغضب الله مني لكنهم قالوا عنه ذلك وأجبروني على أن أخشاه حين كان عليّ أن أحبه.. فصرت أخافهم أكثر من الله.. ومنذ ذلك الحين كان الخوف يسبقني في كل اتجاه أسير نحوه وكان يسبقني دائما في طريقي إلى الله..
كعادتي حين أكتبني لا تبدو نصوصي متماسكة تشبه شظايا القذائف تمامًا مثلي، فاكتبها كما أمارس الحياة قفزا على الأحداث والتواريخ والذاكرة .
منذ أن توقفت حياتي عن سلوك المسارات الأكثر انسيابية وراحت تدلف دروبا وعرة.. فصرت أقفز بدل أن أتبع الخطوة بالخطوة..
وبينما كنت أطيل وقوفي على مضارب الخيبة وفي الأماكن المخيفه من روحي..كانت هناك أشياء تزهر خلفي أشياء مصنوعة من الحب زرعتها عن غير قصد فنمت كنخلة تعالت وسط الصحراء, ربما وسط هذه الحرائق التي بداخلنا ظل هناك شيء متقد شعلة صغيرة من حب لم تخبو بعد تنير جزءا من عتمة الكون..
مدينة أنا للمواقف التي غربلت كل المفاهيم الخاطئة لدي وأحالت من أصروا على كونهم شوكاً في قلبي إلى طي النسيان.
كل شيء جعلني على ما أنا عليه الآن، أنا ممتنة له ولا أندم عليه أبداً
شكرا لمن قاسموني عمري إلى هذه اللحظة
المجد للباقين
وعلى الراحلين السلام
نوال عايد الفاعوري