اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

تجذر حملة ترامب - نتنياهو!// جمال محمد تقي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمال محمد تقي

 

عرض صفحة الكاتب 

تجذر حملة ترامب - نتنياهو!

جمال محمد تقي

 

اذا كان كل الرؤساء الامريكان منذ هاري تورمان الذي كان اول زعيم عالمي يعترف بإسرائيل فور اعلان بن غوريون عن قيامها 1948، يؤمنون قولا وممارسة بشعار، أمن اسرائيل مصلحة امريكية، وبعقلانية توازن بين الطموح والممكن، فأن ترامب يتبنى رؤية نتنياهو على علاتها ويتعامل مع سعيه المتطرف بتفاعل فريق العمل الواحد، وكأن الاثنان يرضعان من ثدي أم واحدة هو اليمين المسيحي المتصهين والمتعاشق مع اليمين الاسرائيلي الايديولوجي بتوراتيته ودوغماتيته، فتبادل الادوار واضح، والتبريرية الفاقعة لنهج نتنياهو وحكومته المتطرفة والمثيرة للشغب الداخلي والخارجي، تجسيد للتكامل والاتساق معها في الرؤية والتطبيق، وترامب لا يرى تناقضا بين التماهي مع متطلبات نتنياهو التي تشكل عبئا مضاعفا على امريكا وبين شعار امريكا اولا، فهو يجد اسرائيل متأصلة في تلافيف الماهية الامريكية، بالنسبة له هي مدغمة بالمصلحة الامريكية ومن منطلقات ما ورائية تتجاوز الجيوبولتيك واستراتيجيات المصالح الحيوية!

 

بايدن مثلا ومن قبله اوباما وكلنتون وبوش وريغن كانوا ينظرون لاسرائيل ووجودها بمعزل عن من يحكمها يسارا او يمينا، لانهم يتعاملون مع ثوابت تدعم وجودها وتعززه وقد يكونون صهاينة بالفطرة، كما صرح بايدن وباكثر من مناسبة، لكنهم لا ينساقون لكامل غرائزها، هم حريصون عليها من تورماتها الداخلية التي قد تهلكها، لذلك كانوا يفلترون اندفاعاتها ويجنحون لموائمة مسارها الذي قد يشط عن دور الترسخ الطبيعي ضمن سياقات مقبولة دوليا واقليميا، ومن هذه المنطلقات لم يتجرأ اي رئيس امريكي على نقل السفارة الامريكية للقدس كاعتراف بها عاصمة ابدية لاسرائيل سوى ترامب، ولم يعترف بضم الجولان إلا هو، ولم يتجاسر رئيس امريكي بالتصريح بحق اسرائيل بالتوسع سوى ترامب، عندما لمح هو وفريقه بان مساحة اسرائيل صغيرة، وأن حدود سايكس بيكو باتت عبئا على المنطقة، وذلك في اشارة خبيثة لمشروع اسرائيل الكاملة او الكبرى، لنتمعن بحرفية في تصريحات توم باراك، وطريقة تعاطيه مع الملف السوري واللبناني، ثم بمقابلات ومواقف مايك هاكابي سفير ترامب لدى اسرائيل، وكذا الحال بالنسبة لستيف ويتكوف، وكوشنر، وماركو روبيو، سنجدها جميعا مع مسالك رون دريمر ونتنياهو وترامب واقوالهم وافعالهم يشكلون فريق عمل متكامل يمثل لحمة بين الرؤية والممارسة الامريكية الاسرائيلية لكل قضايا الشرق الاوسط من باكستان حتى طنجة مرورا بايران وتركيا والخليج، وفي القلب منه قضية فلسطين، حيث السعي الحثيث لتصفيتها، بكل الطرق بما فيها الابادة الجماعية والتهجير القسري!

 

 صفقة العمر !

لا تجد الترامبية تحقيقا لذاتها إلا بالدمج المادي والروحي بين فكرة تخليد عظمة امريكا وعظمة اسرائيل، وحتى يتم ذلك لا بد من الاستثمار في الانجيلية المتصهينة والتي تشكل قوة لا يستهان بها في الداخل الامريكي المشدود لاسرائيل التوراتية، اسرائيل الكبرى ذات البعد الامريكي الباحث عن كمال الازدواج المادي والروحي، والمقترب بعنفوانه للربوبية الموعودة كسيدة للمكان عبر الزمن، هي صفقة تجد فيها الترامبية ظالتها برؤية نتنياهو وقدرته على تنغيم هذا الايقاع وصقله ليشكل معزوفة يمكن ان يغنيها المتدين التوراتي وكذا المتعلمن، وكل المتصهينين من غير اليهود، لترقصهم جميعا على اشلاء الاغيار. وبما ان وفرة فوائد فائض المال المسال وسطوة القوة الفائقة تغري بالتبعية للتصهين الامريكي ذا الروح الاسرائيلية فأن اقامة الهيكل الثالث هي صفقة العمر لترامب ليشفي غليل نرجسيته بتقمص دور الملك المنقذ بالتلازم مع ملك اسرائيل نتنياهو، ومن هنا  سيتمسك نتنياهو بالبقاء زعيما لاسرائيل، وسيعمل ترامب على تجديد عمر ولايته بصفقة العمر!

 

فلسطين اولا!

مئة عام والشعب الفلسطيني يصارع المشروع الصهيوني المدعوم من الغرب، والذي يفوق العرب تطورا في كل المجالات، استطاعت خلالها مقاومة الفلسطينيين عرقلة تحقيق كامل اهداف المشروع المتمدد نحو مجمل المحيط العربي، وكانت ومازالت شعوبنا العربية تقف من كل جوارحها مع النضال الفلسطيني، كونه مصدا لها، وخندقها المتقدم في موجهة هجمات الغزاة والمستعمرين والمستوطنين، لكن ضعف الكيانات العربية وتبعيتها وفرقتها ساهم بإستفراد الكيان الصهيوني بالمقاومة الفلسطينية، ولعب بعض هذه الكيانات دورا سلبيا في مسيرة الصراع العربي الصهيوني مما ادى لتحجيم تلك المقاومة، وتغول القوى الغاشمة للصهاينة وحلفائهم الغربيين، الذين عملوا على تجريد العرب وكياناتهم من كل اسباب القوة في محاولة لمصادرة ارادتهم وجعلهم تحت رحمة اسرائيل. واليوم يتعرض الشعب الفلسطيني لاقوى هجمة اسرائيلية امريكية لابادته وتصفية قضيته، بذات الوقت الذي يتمدد فيه الكيان الصهيوني على حساب بلدان الطوق، ويتنمرعلى دول الخليج ويبتز سيادتها، مما يحتم إعادة النظر بما يحسبه العرب خير لهم وهو الشر المستطير!

 

نحو انقاذ مايمكن انقاذه!

مقدمات تنفيذ مشروع ترامب نتنياهو كانت قد بدأت منذ الولاية الاولى لترامب وهي تتواتر حاليا، حتى وصلت للذروة في حرب الابادة الجماعية على غزة، وحرب الضم والاجتثاث في القدس والضفة الغربية، وفي حروب نزع سلاح لبنان وسوريا، والحروب الخفية لتفتيت وشرذمة الكيانات العربية واضعاف دور مصر والاردن والتحكم غير المباشر بمصائر كل العرب من المحيط الى الخليج، وتوجت اخيرا بالاعتداء السافرعلى دولة قطر التي تلعب دورا نزيها في تذليل العقبات للوصول الى صفقة تنهي الحرب الابادية على غزة وتنقذ اكثر من مليوني فلسطيني من التجويع الاسرائيلي القاتل مقابل اطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين، لقد طفح الكيل، ولم يعد لسياسة المهادنة معنى غير التخاذل والتقهقر، والمطلوب هو افعال لا اقوال، أقلها إيقاف كل اشكال التطبيع، وتجميد قنوات التعاون والتنسيق مع اسرائيل، وسحب السفراء، ودعم المقاطعة العربية للمنتجات الاسرائيلية والشركات الداعمة لها!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.