اخر الاخبار:
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
فائق زيدان يوجه بإزالة اسمه من أحد شوارع الموصل - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:14
ترمب: إن لم تُحسن حماس التصرف فسيتم تدميرها - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:11
العراق.. توقعات جوية غير متفائلة للموسم المطري - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 19:26
نتنياهو يأمر بتنفيذ ضربات قوية وفورية في غزة - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 19:22
انخفاض كبير في أسعار الذهب في بغداد واربيل - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 11:10
البطريرك ساكو يشارك في مؤتمر عن السلام بروما - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 11:04
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1413)- المقام العراقي رواية العراقيين -19

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي 

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1413)

المقام العراقي رواية العراقيين -19

 

من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)

تحت عنوان داخلي مركزي

المقام العراقي رواية العراقيين -19

 

جماليات في حقبة التحول

     لقد كانت(حقبة التحول) التي قادها بكل ثقة كل معاصري هذه الحقبة على اختلاف ثقافاتهم وامكانياتهم واتجاهاتهم الجمالية منذ بداية القرن العشرين. التي استطاع فيها محمد القبانجي ان يكون ابرز معاصريه ليقود حملة الابداع والتجديد. بعد ان ختم تعليمه من اسلافه السابقين، وعلى الاخص من سلفه رشيد القندرجي. حتى تسيّد كل الحقبة، بل كل القرن العشرين..! والى يومنا هذا وبكل استحقاق. وهو في هذا يكون قد عبّر في الحقيقة عن حقبة تحوُّل كبيرة عمّت البشرية في هذه المرحلة من الزمن بواسطة التطور الصناعي. وظل القبانجي من ثم يعطي تعبيراً فنياً اميناً لإتجاهات هذه الحقبة الذوقية والجمالية والفكرية والتقدمية. وقد اصبح القبانجي احد مغني عصره الأكثر شعبية والاكثر نجاحاً على صعيد نتاجاته المقامية التي سجلتْها له الشركات الاجنبية في العراق وخارجه. والتأثير الغنائي الذي مارسه القبانجي في كل الغناسيقى العراقية، لاحدَّ له..! وبذلك يكون القبانجي قد تجاوز سابقيه وقاد معاصريه الى آفاق جديدة. وأخذ يدلّهم الى روح جديدة في التعبير المقامي والتصوير التاريخي، والى ذوق وجمال جديد هو الآخر.

 

     لكن يبدو مع كل ذلك، انه من المبالغة الاعتقاد المطلق بأن حقبة التحول هذه في اتجاهات الشكل والمضمون المقامي، او في الغناسيقى العراقية ككل. تعتمد في الواقع على مبادىء الطريقة القبانجية فقط..! فقد سبق ان تحدثنا في مكان سابق عن الصراع الذي احتدم بين الطرق الادائية المقامية القديمة التي قادها وحمل لواءها المطرب الكبير رشيد القندرجي. وبين الطريقة القبانجية التي سادت الاوساط الفنية بعدئذ. وكذلك تعدد الاساليب القديمة لدى المغنين الاسبق الذين بدأ فنّهم بالظهور مطلع القرن العشرين. بحيث برز من هؤلاء مغنين ممن تميّز باسلوب خاص نوعا ما ولم يتبعه احد من لاحقيه. ومثال على ذلك المغنين جميل البغدادي ويوسف كربلائي وعباس كمبير وعبدالفتاح معروف ونجم الشيخلي وجميل الاعظمي وغيرهم. واصبح كل واحد من هؤلاء المغنين يمتلك اسلوبا يكاد يكون مستقلاً عن غيره.

 

        لذا فقد كانت هذه التحولات قد تبلورت وتطورت بحيث ظهرت بصورة واضحة في فترة زمنية عبّرتُ عنها بـ(حقبة التحول). ويوجد طبعا شىء اكثر من هذا يمكن قوله عن الاتجاهات الذوقية والجمالية في الغناء المقامي او في الغناسيقى العراقية ككل. ونستطيع ان تتحدث هنا بصورة موجزة عن اتجاهين جماليين مهمين. فمن جهة هناك اتجاهات جمالية في الغناء المقامي برزت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، التي اتسمت بالاتجاه الكلاسيكي الذي يشترك كثيراً في وجهة النظر بشكل ومضمون الغناء المقامي في تلك المرحلة الزمنية. من خلال صرامة الالتزام بالاسس القديمة والتعابير الرصينة ووصول الغناء المقامي الى ذروة تبلورت من حيث الاصول التقليدية عند توديع القرن التاسع عشر واستقبال القرن العشرين.

 

       من جهة اخرى، هناك الاتجاه الذي تمثله حقبة التحول من المغنين الذين تأثروا بهذه الاتجاهات وبدأوا تسجيل نتاجاتهم المقامية في العقود الاولى من القرن العشرين. امثال جميل البغدادي ورشيد القندرجي وعباس كمبير ونجم الشيخلي وعبدالفتاح معروف وغيرهم. الذين اجتهد معظمهم بالابقاء دون مساس بالشكل المقامي (Form)واصوله التقليدية القديمة. التي كان تبلورها مستمراً خلال قرون(الفترة المظلمة)ولكنهم اقتربوا كثيراً من المضمون المقامي وتعابيرهم عن حقبتهم. ويمكن ان نقرِّب حقبة التحول من مفهوم الاتجاه الجمالي الرومانسي وسماته العاطفيةوالثورة على المخلفات التي اصبحت بالية ولا تواكب الحقبة التي انتدب لها المطرب الكبير محمد القبانجي ومغنين آخرين بكل قوة..! ولا يمكن بطبيعة الحال، وبقلة المصادر والمراجع، ان تكون مهمتنا هنا اعطاء عرض شامل لتصارع هذه الاتجاهات الجمالية التي تمثلت بالطرق الغنائية المقامية خاصة قمتيها  في القرن العشرين(الطريقة القندرجية والطريقة القبانجية) ومن الارجح اننا سنكتفي بما ألقينا على هذه الحقبة من ضوء وتوضيح مختصر لمغني هذه الفترة واتجاهاتهم الجمالية والذوقية. ولكننا سنشير الى مغنين لهم اهميتهم في القرن العشرين على اختلاف اذواقهم وجمالياتهم وبالتالي اتجاهاتهم. وهم في نهاية الامر مغنون ملائمون لفتراتهم الزمنية التي عاشوها.

 

        ان تركيز الطريقة القندرجية على الاتجاه الكلاسيكي في الذوق والجمال والفكر. يعطي نتاجات مؤديها منظوراً تاريخياً كبيراً وواسعاً. ومع ذلك وفي ذات الوقت، اتسمت هذه النتاجات بالمباشرة والصراحة في الالتزام الصارم بالمنظور التاريخي. وهذا يعني من ناحية اخرى،إفقاراً لعالمها الفني والخيالي، لأنه إفقاراً لمنظورها المستقبلي..! خاصة وهي تواجه حقبة التحول الكبيرة التي عمّت البشرية. مقارنة مع الطريقة القبانجية التي امست حلقة الوصل المقنعة بين القديم والجديد..! وبالتالي في رؤيتها المستقبلية. وبهذه الميّزات صمدت هذه الطريقة وبقي تأثيرها حتى مغني القرن العشرين كله. وبذلك تكون اعظم انجازات محمد القبانجي الغنائية والفنية، هو تطويره الرائع لما تعلمه من اداء مقامي تاريخي عن اسلافه، وعلى الاخص منهم رشيد القندرجي. ليمسي القبانجي بعد ذلك بطلاً لحقبة التحول..! والشخـــصية المركزية خلالها ضمن مغني المقامات العراقية. الذي اقترب من معايشة مأســــاة مجتمعه بكل عواطفه ومشاعره.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة واحدة / عند عودة وفدنا الى ارض الوطن من القاهرة بعد مشاركتنا في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية السابع بدار الاوبرا المصرية في تشرين الثاني 1998. يقف في اليمين الباحث حسين قدوري والباحث عبد الامير الصراف وحسين الاعظمي والباحث د.علي عبد الله وابو مبين مرافق الوفد والعازف رافد عبد اللطيف والعازف وليد حسن عبد الحسين والعازف محمد زكي والباحث حبيب ظاهر العباس. الجالس ضارب الايقاع فرات فاضل. بعدسة الباحث باسم حنا بطرس.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.