اخر الاخبار:
بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل - الأحد, 02 تشرين2/نوفمبر 2025 11:14
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
فائق زيدان يوجه بإزالة اسمه من أحد شوارع الموصل - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:14
ترمب: إن لم تُحسن حماس التصرف فسيتم تدميرها - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:11
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

النفط العراقي في منظار السياسة الأمريكية: بين المصالح الاستراتيجية والتحولات الجيوسياسية// ناظم زغير التورنجي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ناظم زغير التورنجي

 

النفط العراقي في منظار السياسة الأمريكية:

بين المصالح الاستراتيجية والتحولات الجيوسياسية

المهندس ناظم زغير التورنجي

 

يُعدّ النفط العراقي أحد أهم الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط والعالم، لما يمتلكه العراق من احتياطات نفطية تُقدَّر بأنها من الأكبر عالميًا. ومنذ منتصف القرن العشرين، شكّل هذا المورد عاملاً حاسمًا في صياغة السياسة الأمريكية تجاه العراق، إذ لم يكن النفط مجرد سلعة اقتصادية، بل ركيزة استراتيجية في حسابات القوة والنفوذ الإقليمي والدولي. تهدف مقالتي ووقفتي هذه إلى تحليل موقع النفط العراقي في منظار السياسة الأمريكية، من خلال استعراض المراحل التاريخية، والاعتبارات الجيوسياسية، والانعكاسات الراهنة على علاقة البلدين. أولاً: النفط كعامل تأسيسي في الاهتمام الأمريكي بالعراق منذ خمسينيات القرن الماضي، بدأت الولايات المتحدة تدرك أن السيطرة على منابع الطاقة في الشرق الأوسط هي مفتاح التفوق الاقتصادي والعسكري. وبالرغم من أن النفوذ البريطاني الأستعماري كان مسيطرًا آنذاك في العراق من خلال شركة النفط العراقية (IPC)، فإن واشنطن سعت تدريجيًا إلى تعزيز حضورها في سوق النفط العراقي عبر التحالف مع النظام الملكي ثم من خلال شركات الطاقة متعددة الجنسيات. بعد ثورة تموز1958 وصعود المد الوطني ، تراجع النفوذ الغربي جزئيًا ، لكن النفط بقي في صميم الاهتمام والشهية الرأسمالية الأمريكية، خاصة بعد تأميم النفط عام 1972. فقد اعتبرت واشنطن أن استقلال القرار النفطي العراقي يشكّل تهديدًا لهيمنتها الاقتصادية في المنطقة. ثانياً: حقبة ما بعد الحرب الباردة – النفط كذريعة واستراتيجية مع انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز الولايات المتحدة كقوة أحادية، أعادت واشنطن رسم استراتيجيتها في الشرق الأوسط. جاءت حرب الخليج عام 1991 لتؤكد هذا التوجه؛ إذ مثّلت حماية إمدادات النفط في الخليج أحد أبرز المبررات للتدخل العسكري ضد نظام الدكتاتور صدام حسين عقب غزوه للكويت. وفي عام 2003، حين قادت الولايات المتحدة غزوها وأحتلالها العسكري المباشرللعراق ( غير القانوني ) وإسقاط النظام الدكتاتوري، كان النفط مجددًا في قلب النقاشات السياسية والإعلامية. فعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي الأمريكي ركّز على “نشر الديمقراطية” و”القضاء على أسلحة الدمار الشامل”، إلا أن كثيرًا من التحليلات رأت أن السيطرة على النفط العراقي وإعادة تشكيل خريطة الطاقة العالمية كانا هدفين استراتيجيين غير معلنين. فالعراق يمتلك أكثر من 145 مليار برميل من الاحتياطي المؤكد، أي ما يقارب 10% من الاحتياطي العالمي، ما يجعله أحد أهم المفاتيح في سوق الطاقة العالمي. ومن هذا المنطلق، سعت واشنطن إلى إعادة هيكلة قطاع النفط العراقي بعد الاحتلال بما يضمن انفتاحه على الشركات الأمريكية والغربية. ثالثاً: النفط في السياسة الأمريكية تجاه العراق بعد 2003 بعد الغزو الاحتلال، وضعت الولايات المتحدة أسس إدارة جديدة للقطاع النفطي عبرما يسمى (سلطة الائتلاف المؤقتة) ، غير الشرعية ،وأعادت إدخال الشركات الأمريكية إلى السوق العراقي. والتي مارست شتى أنواع النهب للنفط العراقي وأن لم تنهب فبأسعار زهيدة وبلا عددات.. لكن سرعان ما واجهت هذه السياسة تحديات كبيرة، أبرزها الفساد الإداري، والمقاومة المسلحة، وضعف البنية التحتية.بل ساهمت الولايات المتحدة في اشاعة النهب للنفط العراقي من قبل العديد من القوى المرتبطة سياسيا وعسكريا بأيران ، حيث عمت الفوضى وضاع الحابل بالنابل مثلما يقال في المقابل من جهة أخرى ، بدأت منظومة الحكم الجديد في العراق ( ومن اجل جني اكبر الموارد المالية) بفتح الأبواب واسعة وبلا ادنى تخطيط أمام شركات آسيوية وروسية، ما قلّص من الحصة الأمريكية في عقود النفط. ومع ذلك، بقيت واشنطن تمارس نفوذًا غير مباشر من خلال أدوات سياسية واقتصادية، مثل التحكم في تدفقات الدولار عبر الاحتياطي الفيدرالي، وفرض رقابة على التحويلات المالية، وهو ما انعكس على قدرة العراق في تسويق نفطه واستثمار عوائده. رابعاً: النفط كأداة للنفوذ الإقليمي والدولي تتعامل الولايات المتحدة مع النفط العراقي ليس فقط كسلعة اقتصادية، بل كأداة استراتيجية في إدارة توازن القوى الإقليمي، خصوصًا في مواجهة إيران وروسيا والصين.، فواشنطن ترى أن استقرار إنتاج النفط العراقي وضمان توجّهه للأسواق الغربية يحدّ من قدرة خصومها على استخدام الطاقة كسلاح سياسي. من جهة أخرى، يشكّل العراق جزءًا من المعادلة الأوسع لأمن الطاقة في الشرق الأوسط. فالتأثير الأمريكي على السياسة النفطية العراقية يسهم في دعم منظمة أوبك+ ضمن حدود معينة، ويتيح لواشنطن التأثير ليس على أسعار النفط بل وتحديد سقف الأسعار بما يتناسب مع مصالحها الاقتصادية الداخلية، لا سيما في ظل تقلبات الأسواق العالمية. خامساً: التحولات الراهنة والتحديات المستقبلية في السنوات الأخيرة، ومع صعود الدور الصيني وتنامي التعاون العراقي–الروسي، أصبحت الولايات المتحدة تنظر بقلق إلى احتمالية فقدان نفوذها في قطاع الطاقة العراقي. كما أن توجه بغداد نحو تنويع الشراكات الاقتصادية والطاقة النظيفة يضع واشنطن أمام معادلة جديدة، حيث لم يعد النفط وحده هو مركز النفوذ. في المقابل، ما زال الوجود الأمريكي – سواء العسكري أو السياسي – يضمن للولايات المتحدة درجة من السيطرة على البيئة الأمنية التي تؤثر في استقرار إنتاج النفط وتصديره. ومن المرجح أن تواصل واشنطن استخدام هذا النفوذ كورقة ضغط في الملفات الإقليمية. يُظهر تحليل السياسة الأمريكية تجاه النفط العراقي أن النفط لم يكن مجرد مورد اقتصادي، بل محورًا استراتيجيا في إدارة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط. فبينما تبرّر الولايات المتحدة تدخلها في العراق بأهداف سياسية وأمنية، يبقى النفط هو البعد الخفي الذي يربط هذه السياسات بمصالحها الكبرى في الطاقة والهيمنة الدولية. ومع تغير التوازنات العالمية وصعود قوى جديدة، سيظل النفط العراقي ساحة تنافس بين واشنطن وخصومها، ومحورًا حساسًا في رسم مستقبل العراق السياسي والاقتصادي.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.