مقالات وآراء
احتلال تركي مدفوع الثمن: حكومة السوداني تكلف دولة أجنبية بإدارة أخطر وزاراتها!// علاء اللامي
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 03 تشرين2/نوفمبر 2025 10:02
- كتب بواسطة: علاء اللامي
- الزيارات: 64
علاء اللامي
احتلال تركي مدفوع الثمن:
حكومة السوداني تكلف دولة أجنبية بإدارة أخطر وزاراتها!
علاء اللامي*
يبدو أن تركيا ستحتل العراق نصف احتلال وتدير أخطر وزارة فيه لمدة خمس سنوات مقابل مليار متر مكعب من مياه الرافدين المسروقة ومقابل إسقاط كافة الديون العراقية على تركيا ورفع التبادل التجاري معها إلى 30 مليار دولار.
لم تكد الحملة الشعبية على مواقع التواصل لمقاطعة البضائع التركية تبدأ وتتوسع إلا قبل أيام قليلة، حتى وصل وزير خارجية تركيا إلى بغداد وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن قرب التوصل إلى اتفاقية إدارة مياه النهرين مع تركيا!
ولكني أعتقد صادقا أن الوقت قد تأخر كثيرا على أية عملية انقاذ للنهرين وحتى لو رزقتنا السماء بموسم مطري جيد لهذا العام فالمشكلة لن تنحل قريبا إلا بتدويل المشكلة وتقديم شكوى رسمية إلى الهيئات القضائية الدولية كمحكمة العدل الدولية وهيئات دولية أخرى متخصصة بالتحكيم بقضايا المياه واستعمال كافة أوراق الضغط التي بحوزة العراق ومنها: ورقة التجارة التي يستورد بموجبها العراق بضائع بقيمة تفوق 20 مليار دولار سنويا من تركيا ومثلها من إيران مع أخذ الفارق في مسؤولية الدولتين: تركيا التي تأتي منها نسبة تفوق الستين بالمئة من المياه العراقية وإيران التي تأتي منها 12 بالمئة من المياه وما تبقى من مصادر تقع داخل الأراضي العراقية.
ولكن ماذا عن الاتفاقية الجديدة التي وقع عليها وزيرا الخارجية التركي والعراقي بحضور رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني؟ جاءت هذه الزيارة لوزير الخارجية التركي الى العراق وتوقيعه على هذه الاتفاقية لتحقيق عدة أهداف منها: *تنفيس الاحتقان الجماهيري في الشارع وكبح حملة المقاطعة للبضائع التركية.
*انقاذ حكومة السوداني من مأزق شديد الخطورة سيتفاقم خلال الأيام القادمة حيث ستنقطع مياه الشرب من مدن الجنوب والوسط تباعا.
*تضع تركيا يدها على المؤسسات والمشاريع والسدود العراقية وبموافقة حكومة السوداني لتديرها وتشرف عليها منفردة لمدة خمسة أعوام ولن يكون من حق التدخل في مؤسساته ومشاريعه المائية الهايدروليكية.
*تزود تركيا العراق بإطلاقات مياه تصل إلى مليار متر مكعب (من مجموع خزينها البالغ تسعين مليار متر مكعب- علما بأن خزان سد الموصل فقط كان يحتوي على 12 مليار متر مكعب اهدرتها الحكومة بقراراتها الغبية قبل أشهر قليلة).
*وربما تكون هناك بنود سرية لم يكشف النقاب عنها يمتنع بموجبها العراق عن تقديم أية شكوى للهيئات الدولية حتى إذا مات عطشا عدة ملايين من سكانه.
فقرات من تقرير إخباري عن الاتفاقية:
* "الاتفاقية التي وقعت بين تركيا والعراق تضم فقرات عدة، وهي الأولى من نوعها بالنسبة للعراق، من بينها أن الاطلاقات المائية ستكون بإشراف وإدارة تركيا، وذلك الى جانب إدارتها للبنى التحتية المائية (سدود وتوزيع الاطلاقات إدارة المياه بشكل مطلق ولمدة خمس سنوات على أن يعاد تسليمها إلى العراق بعد المدة المتفق عليها)"، مشيراً إلى أن "كل التقنيات اللوجستية والفنية الخاصة ببناء السدود والبنى التحتية ستكون بإدارة تركيا حصرا".
* وأضاف المصدر أن "تركيا وعدت بأطلاق مليار متر مكعب لصالح العراق خلال الايام القادمة، وبما لا يؤثر على الخزين المائي لتركيا والذي يقدر بـ90 مليار متر مكعب".
* وأضاف المصدر أن "الفقرات المشار إليها إلى جانب فقرات أخرى تتضمنها الاتفاقية المزمع توقيعها بعد مراجعتها من قبل الجهات القانونية، تأتي مقابل إسقاط الديون التركية ورفع سقف التبادل التجاري بين البلدين على أن لا يقل عن 30 مليار دولار".
الخلاصة هي أنه لا يمكن انقاذ الرافدين وبلاد الرافدين إلا بزوال منظومة حكم لصوص القرن الفاسدة التابعة للأجنبي وقيام حكم وطني وشعبي مستقل له سيادة حقيقية على أرض العراق، وبيننا وبين هذا الهدف خرط القتاد كما يقال! يجب أن تتصاعد الحملة ليس بهدف انقاذ الرافدين وبلاد الرافدين فقط بل أيضا لإسقاط حكم لصوص الطوائف والعرقيات وتحميل مسؤولية التفريط بمياه وثروات العراق وسيادته واستقلاله لهذا الحكم وخاصة لحكومة محمد شياع السوداني!
الاتفاقية العار التي وقعت عليها حكومة محمد شياع السوداني كشف عدة أكاذيب روجتها الحكومتان العراقية والتركية ومنها:
*أكذوبة أن "تركيا تعاني من الإجهاد المائي وقلة المخزون في سدودها". ولكن موافقتها على إطلاقات مياه جديدة تبلغ مليار متر مكعب من مجموع تسعين مليار، تنفي هذه المعلومة وتؤكد أن تركيا حشرت العراق زاوية الموت عطشا لملايين العراقيين أو التنازل عن ثرواته فوافقت حكومة الفساد في بغداد على هذه الصفقة المشينة. ومعلومة التسعين مليار متر مكعب غير صحيح فالأقمار الاصطناعية أكدت قبل أشهر أن مخزون تركيا ضعف هذه الكمية وهذا امر لا يمكن للسلطات التركية نفيه او التلاعب به.
*موافقة حكومة السوداني على هذه الصفقة جاءت لتربط العراق باتفاقية إذلال وعبث بموارده المائية لمدة خمس سنوات حتى إذا تحسنت الحالة المناخية الى الموسم الرطب وسوف تقوم الإدارة "التركية حصرا لسدودنا وقنواتها بإهدار الحصاد المائي القادم.
*إن السوداني ومن اجل نيله الولاية الثانية مستعد لبيع العراق قطعة قطعة لكل الطامعين والمعادين وذوي الأجندات الأجنبية المعادية.
*ستتحول هذه الاتفاقية إلى مسمار جحا في المستقبل وستمتنع تركيا بعد خمس سنوات عن إطلاق حصص العراق العادلة من المياه عندما يطالب بها إلا بشرط التوقيع على اتفاقية مماثلة أو تمديد الاتفاقية الحالية.
*بعض الحمقى والمغفلين والجاهلين تماما بالشأن الهايدروليكي وكارثة الرافدين هرعوا لتحميل وزير الموارد المائية عون ذياب وجعلوا منه كبش فداء لصفقة السوداني المعيبة مع تركيا. فكيف ذلك؟
تركوا المسؤول الحقيقي عن الكارثة وجعلوا وزير الموارد المائية الحالي عون ذياب كبش فداء تحت سواطير وأقلام كتبة ومدوني أحزاب الفساد والتفريط: يجبرني الإنصاف والاستقامة على كتابة النص التالي وليس دفاعا عن وزير أو مسؤول وقد عرفني القراء بمهاجمة الجميع من دون استثناء دفاعا عن العراق والحقيقة:
بعد توقيع اتفاقية العار والتفريط العلني بمياه دجلة والفرات وتكليف تركيا حصرا بإدارة هذا الملف داخل العراق مقابل أموال طائلة وإطفاء ديون تركية شنَّ بعض الكتبة والمدونين حملة ضارية على وزارة الموارد المائية العراقية ووزيرها عون ذياب واتهموه ووزارته بالفشل في إدارة المياه وانه ووزارة أصبحا نافلين ومن الضروري إلغاؤهما والاستغناء عنهما. ما يجهله هؤلاء الحمقى والجهلة كثير جدا ومنه:
1-إن وزارة الموارد المائية وزارة تنفيذية وليس لها صلاحيات سيادية مع دول الجوار مباشرة بخصوص حصص العراق من مياه النهرين فهذه الصلاحيات بيد السلطة التنفيذية أي رئيس الوزراء والحكومة (ورئيس الجمهورية بدرجة أقل) والسلطة التشريعية أي مجلس النواب ورئيسه. والدليل على ذلك أن من وقع على الاتفاقية هو وزير الخارجية العراقي بحضور رئيس الوزراء محمد السوداني. والطريف أن السوداني ظهر في خلفية الصورة / نشرتُها في المنشور السابق، متباهيا وكأنه حقق نصرا عظيما في حين انه ارتكب أكبر تفريط بسيادة العراق أو ما تبقى منها!
2-إن موضوع تدويل مشكلة مياه النهرين والتعامل مع تركيا وإيران بقوة بسبب خروقاتهما المائية ليست بيد الوزارة والوزير بل بيد السلطتين التنفيذية والتشريعية.
3- إن الوزير عون ذياب مستقل سياسيا وليس تابعا لحزب أو مليشيا في الحكم وهو من كوادر الوزارة القدماء تدرج في وظيفته من مدير دراسة مائية عن منطقة شط العرب سنة ( 1977 ) ثم عين مديرا عاما لشركة الفاو لتنفیذ مشاريع الري والبزل سنة 1989.
4-عين وزيرا في حكومة السوداني بعد أن بقيت الوزارة خارج طلب الكتل الطائفية لأنها وزارة مفلسة ماليا وموازنتها لا تتعدى الموازنة التشغيلية أي رواتب موظفيها إلا قليلا فاستلم ذياب مهام الوزير اضطرارا بعد أن هربت منها أحزاب الفساد.
5- الوزير الحالي عون ذياب هو الوزير الوحيد في حكومة السوداني المتخصص بأمور وزارته أكاديميا ويحمل شهادات جامعية في الشأن المائي والهايدروليكي هي بكالوريوس علوم الهندسة المدنية - جامعة البصرة 1968 ودبلوم عالي هيدرولوجي 1974.
6- إذا كان عون ذياب قد أخطأ فإنه أخطأ في البقاء في هذا المنصب رغم أنه تجاوز السن القانوني للتقاعد كما أظن فهو من مواليد 1946. والخطأ الآخر له –وهو خطأ جزئي وليس أساسيا - هو أنه صدَّقَ بوعود أردوغان لمحمود المشهداني بزيادة الإطلاقات المائية وأهدر جزءا كبيرا من خزين مياه سد الموصل لأغرض الزراعة وكان عليه أن يستقيل ولا ينفذ هذه الخطة... وسأكتب عن هذه الخدعة قريبا.
*كان على الذين يريدون تحويل عون ذياب ووزارته وموظفي الوزارة الأكْفاء الى كبش فداء أن يعلموا ويتعلموا الحقائق قبل أن ينطلقوا في حملتهم المسعورة. أول هذه الحقائق هو أن تركيا وإيران معتديتان على العراق وأن من يتحمل مسؤولية الكارثة التي حدثت والاستسلام المهين الذي قامت به حكومة محمد شياع السوداني لتركيا هو نظام حكم المحاصصة الطائفية وقبله مسؤولية حكم البعث الذي بدأت السدود التركية في عهده ولم يقم بما يجب لردع دول الجوار وتدويل المشكلة رغم أنها لم تكن كبيرة في بداية إنشاء تلك شبكة من السدود.
المسؤول الحقيقي عن الكارثة ليس وزيرا أو موظفا تنفيذيا أيا كان بل هو نظام رجعي يقوده اللصوص والجهلة والتابعون للدول الأجنبية والمشكلة بدأت منذ حكومات البعث في الثمانينات من القرن الماضي وصولا إلى حكومة التفريط والفشل التام برئاسة محمد شياع السوداني.
*كاتب عراقي


