مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1414)- المقام العراقي رواية العراقيين-20
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 02 تشرين2/نوفمبر 2025 20:10
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 186
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1414)
المقام العراقي رواية العراقيين-20
من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)
تحت عنوان داخلي مركزي
المقام العراقي رواية العراقيين-20
سمات جمالية وفكرية
في(حقبة التحول) لم يكن المغنون المعاصرون لها على مستوى واحد من التعبير في غنائهم المقامي.فقد كانت معالجاتهم متفاوتة في تأثيراتها الذوقية والجمالية والثقافية نسبة لتوجهاتهم في هذه الصدد. وهم على العموم متنوعين في هذا المجال. فمنهم من اتباع الطريقة القندرجية ومنهم من اتباع الطريقة القبانجية ومنهم من استقى اسلوبه من الطريقتين او طرق اخرى، ومنهم من كان مستقلاً باسلوب خاص من الغنـــــاء استقاه من جملة اختلافات الطرق والاساليب في هذه الحقبة.
ان الموقع الفريد الذي تحتله النتاجات المقامية في هذه الحقبة(حقبة التحول) في الغناء المقامي حسب المفهوم التاريخي التراثي في العراق. ليس مردها استعراض للحياة او تواصلاً معها بصورة طبيعية فحسب، بل انها ساهمت في معالجة مشاكل المجتمع النفسية والاجتماعية والعاطفية وعبّرت عن حقائق الحقب الزمنية التي مرّت على بلدنا العراق بمختلف ظروفه. فهي بصورة عامة لم تكن تعبِّر بمجموعها عن تجارب شخصية وذاتية صرفة. ولكنها عبّرت عن الحالتين الفردية والجماعية لمجموع ابناء الشعب.وعند سماعنا لنتاجات هذه الحقبة. ندرك ان الخط المهيمن في اداء مغنوا هذه الحقبة وبنظرة شاملة، كان خط التمسك الصرف بالشكل والمضمون المقامي. أي بالمضمون المقامي المحلي الواضح في تعابير كل مغني هذه الفترة الزمنية. وعليه فهم آخر المتمسكين بالمحلية الصرفة في غنائهم المقامي. حتى ظهور محمد القبانجي الذي خرج عن هذه التقليدية وأدخل جملاً غنائية جديدة اساسها تأثره بغناء وموسيقى البلدان حواليه رغم انه عرَّقَها..! أي انه اقتبس هذه الجمل كشكل فقط ثم غناها باسلوبه المقامي العراقي واعطاها مضمونا تعبيريا عراقيا. ونستطيع هنا ان نؤشر بعض من هذه المقامات العراقية التي ادخل فيها القبانجي شيئا من تطلعاته هذه وابرزها مقام الرست الذي يغني فيه هذه الابيات المخمسة ..
(بوصالٍ اليك هل من وصـول/ لك اشكو ما شفّني من نحول)
(خنتَ عهدي حفظاً لعهد عذول/ بأبي انت مـن خليلٍ ملـول)
(لم يدم عهده اذا الظـــل دامـا)
وكذلك نلاحظ هذا المنحى في مقام الاورفة الذي يبدأ به بهذا المطلع.
(كـف المـلام فمـا يفيـد ملامي/ الـداء دائي والسقام سقامـي
حتى أثّرت هذه المحاولات بالكثير من اتباعه المغنين الذين حاولوا السير في هذا المنحى التجديدي وهذا الاتجاه الذوقي والجمالي والفكري الذي نما من خلال النتاجات المقامية التي سجلها القبانجي في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. وبذلك يكون القبانجي اول الخارجين عن طوق المحلية الصارم والتقليدية البحتة في المضمون الادائي للمقامات العراقية..! فقد حرّرَ نفسه في تطوره اللاحق ونتاجاته الادائية المقامية اللاحقة التي امست على مستوى اعلى الى درجة كبيرة. وذلك من حيث الاتجاه الجمالي وكذلك في مستوى هذه النتاجات الفني. ولاسيما في تسجيله للمقامات العراقية التي استحدثها..!كمقام الكرد ومقام النهاوند ومقام القطر ومقام الحجازكار ومقام الهمايون بهذه القصيدة االمطلع من القصيدة.
(طهِّر فؤادك بالراحاتِ تطهيـــرا/ ودُم على نهبـِـك اللذات مسرورا)
اضافة الى الروح الجديدة التي اعطاها محمد القبانجي للمقامات العراقية التقليدية التي سجلها كمقامات الابراهيمي والسيكاه والحجازديوان والبهيرزاوي والاورفة والخنبات والبيات وغيرهامن المقامات العراقية الاخرى. حيث نرى القبانجي في هذه النتاجات، ليس عاجزا ان يرث أي شيء مقامي له اهميته الجمالية من اسلافه المغنين. ولكن نتاجاته في هذه الحقبة بأكملها، تنطلق من المنحى الجديد الذي سارت به الحياة بكل تطوراتها وتغيراتها وتحولاتها ومنعطفاتها الجمالية. فكان المعبِّر الاصدق عن حقبته.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.

صورة واحدة/ على شاطئ البحر في الاسكندرية، عازف العود الشهير علي الإمام والمؤلف حسين الأعظمي في ايام مؤتمر الموسيقى العربية بدار الاوبرا المصرية وحفلتي الثالثة في قاعة المؤتمرات بالاسكندرية تشرين ثاني 1998.


