اخر الاخبار:
بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل - الأحد, 02 تشرين2/نوفمبر 2025 11:14
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
فائق زيدان يوجه بإزالة اسمه من أحد شوارع الموصل - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:14
ترمب: إن لم تُحسن حماس التصرف فسيتم تدميرها - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:11
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1415)- المقام العراقي رواية العراقيين- 21

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1415)

المقام العراقي رواية العراقيين- 21

 

من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)

تحت عنوان داخلي مركزي

المقام العراقي رواية العراقيين- 21

 

القدامى ومبالغات المؤرخين

على الاجمال يترتب على المرء، عند الحديث عن المستوى الادائي للمقامات العراقية بأصوات المؤدين القدامى الذين لم نستمع إليهم باجهزة التسجيل الصوتي لأنهم لم يدركوها، ان يقطع صلته بالمبالغات الاطرائية التي تمجد بالقدامى، رغم ان بعضهم قد يستحقون ذلك. ولا ينبغي أبداً ان نحط من امكانية مؤدي القرن العشرين وما بعده والموجودين حاليا في يومنا الراهن. هذه الاسطورة الرجعية التي تنكر على عصرنا الراهن أي تطور او ابداع ادائي..! فللقدامى دورهم المحترم ولللذين ظهروافي القرن العشرين حتى يوم الناس هذادورهم الكبير لأننا استمعنا ونستمع اليهم. ولا يلزم المرء الا ان يتأمل المنجزات الرائعة المتمثلة بالتسجيلات الصوتية المقامية لمحمد القبانجي في مقام القطر بهـذا المطلع من الزهيري كمثال.

 (نار الغضا لوعت مني الضمير ابجاي/ والغير منهم شرب كاس الوداد ابجاي)

 

    وحسن خيوكة في مقام الاوج بهذه القصيدة بمطلع القصيدة.

 (هي حزوى ونشرها الفـــياح/ كل قلب لذكــــرها يرتاح)

 

     وناظم الغزالي في مقام الجمال بهذا المطلع من القصيدة.

 (من زاحم الليث على غابه ظــلما/ سيلقى الحتــــــف في نابه)

 

ويوسف عمر في مقام العجم عشيران بمطلع قصيدة الرصافي.

 (يا شعر انك صورة لضــــميري/ يبديك حزني تارة وســـروري)

 

ومقام الراشدي بصوت عبدالرحمن العزاوي بمطله هذا الزهيري.

 (بهواها شفت العجـــب من يوم خلتني/ بفنونها والحـــــسن يا ربي خلتني)

 

        وغير ذلك من الامثلة الغنائية المقامية. لنثبت تفاهة هذه الاسطورة..! ويمكننا ان نستمع بصورة اوسع وبالتدريج الزمني للاصوات المقامية التي قدِّر لها ان تسجِّل صوتها في الغناء المقامي منذ بداية القرن العشرين حتى يومنا الراهن. لنرى التطور التدريجي للغناء المقامي وقيمة الابداعات المستمرة خلاله. وما يهمنا على اية حال، هو ان نبلور على نحو واضح. واقع التطور المستمر للمستوى الغنائي المقامي في نواحيه الفنية والجمالية خلال القرن العشرين..! بدراسة تاريخه التطوري لنرى ماهية الاسس الثقافية والذوقية التي كان عليها الغناء المقامي مستمرا حتى اواخر القرن العشرين والعقود الاولى من القرن الحادي والعشرين التي نحياها اليوم. وفي هذا الصدد. علينا ان نؤكد بأن توثيق هذا التطور ودراسته، يمكن ان نعتبره تمهيدا ثقافيا للنهضة الابداعية.

 

اهمية التاريخ

على العموم وفي معظم الاحيان،يعمل الابداع الخلاق على اكتشاف عدة حقائق تطورية وعلاقات فنية جديدة لتحويل المجتمع ثقافيا نحو الافضل بمساعدة هذه الحقائق..! من مستوى الى مستوى آخر. ولذلك كان الماضي بشتى مستوياته هو اساس كل هذا التطور الذي يحصل للفنون الموسيقية مهما كان عليه من مستوى ثقافي.

        ان الجهل بأهمية الحس الثقافي التاريخي، لغنائنا وموسيقانا الماثل فعلاً في الكثير من الممارسات الابداعية، لاتجعلنا نستطيع ان نميِّز الموقع الذي تحتله موسيقانا وقيمتها في سلسلة تاريخها الطويل. ولكوْن المقام العراقي تراثا غناسيقيا حضاريا،بإعتباره نتاج مدينة. فقد لفت هذا الغناء المقامي انتباه المغنين له وكذلك النقاد والكتّاب والمتخصصين في شؤونه الى الاهمية التاريخية في تحديد الموقع الذي يحتله وقيمته في سلسلة التاريخ الممتد منذ آلاف السنين.

         ان النتيجة الحتمية لوضعنا الابداعي والتطوري. هو تنمية الحس التاريخي والتعمق في دراسته للوصول الى ادق معلومات تاريخية ممكنة ومفيدة تخدم عملية التطور والابداع.

         لقد كانت التجربة الانسانية في النصف الاول من القرن العشرين. بنشوب الحربين الكونيتين وغيرها من الاحداث الاخرى، وعلى الاخص تجربة البلدان العربية. هي التي جعلت التفكير والاهتمام بالتاريخ لأول مرّة واكثر من أي وقت مضى على صعيد المجموع. وايقظت الشعوب الى اهمية تاريحها والمحافظة على تراثها بصورة عامة. وامسى هذا التفكير وهذه النقطة التاريخية، وعياً ذاتياً على صعيد الفرد ايضاً اضافة الى المجموع. خاصة في بلداننا العربية.وربما على وجه التخصيص في بلدنا. وبالاجمال كان هذا الوعي واضحا في البلدان النامية بصورة عامة ايضا، بعد ان مرَّت قرون عديدة من السُبات الثقافي والعلمي على هذه البلدان. وعليه فلا بد لهذا الحال ان يعزِّز تعزيزاً هائلاً الشعور اولاً بأن هناك شىء من الماضي كتاريخ. وثانيا بأن هذا الماضي يترك اثراً مباشراً في حياة كل فرد وحياة كل مجتمع على السواء.

       ان هذا التحول في الوعي بأهمية التراث واهمية تاريخه لدى الشعوب عموما، من صعيد الفرد الى صعيد المجموع، وانتباه الحكومات الى هذا الامر ودعمها للمؤسسات الثقافية والفنية للحفاظ على موروثاتها. يبدو ايضا خطوة ثقافية صاحبت التطور الصناعي والتكنولوجي. ثم يتبلور الامر ليصبح نهضة جديدة في السياسة والعلوم والثقافة والفنون والاداب والحياة برمتها. فالموسيقى والغناء في العراق في ظروف هذه الحقبة، اضطرا من خلال فنانيها ان يتعاملا مع المجتمع بحذر تدريجي. حتى امست العلاقة بمرور الوقت بأكثرية السكان او المجتمع باكمله علاقة وطيدة. واعتقد ان مثل هذه الظروف تحدث ليس فقط في بلدنا، وانما على صعيد الشعوب الاخرى ولو بصورة متفاوتة من حيث ردود الافعال الجماهيرية الدينية والدنيوية في الموسيقى والغناء..! وعليه فان حياتنا الداخلية ارتبطت بتطورات هذه النهضة الغناسيقية الجماهيرية الحديثة. خاصة العلاقة الضمنية الموجودة بين الغناسيقى والمتلقي والفنان نفسه. ارتباطا لم يكن ممكنا على هذا النحو لو لم يحدث التطور في الوعي بأهمية الغناسيقى والفنون الاخرى في بناء وتطور المجتمعات والدول.

          من ناحية اخرى، تلعب كثرة الاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دورا ضمنياً آخر في تنمية النوعية وظهور مجموعة النخبة من المتلقين بين الجماهير الكبيرة..! هذا هو اذن بعض من تفسير الانعطافات التطورية في الثقافة والفنون حسب الامكانات المحسوسة والمتاحة للناس والبلد عموما..! ليستوعبوا تراثهم بوصفه تاريخهم وهويتهم. اذ يروا فيه شيئاً يؤثر بعمق في حياتهم اليومية ويعنيهم على نحو مباشر. ووفقاً لهذا التفسير، فان التراث بأجمعه ومحتويات كل الماضي، هو حامل ومحقق التقدم للشعوب والانسانية جمعاء.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة واحدة / حسين الاعظمي وحسن الشكرجي والموسيقار منير بشير ومائدة نزهت في شباط 1979 بلندن. اثناء اجراء جنرال بروفة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.