اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• سوريا تحترق..اللهم لا شماتة

 

د.عبدالخالق حسين

سوريا تحترق..اللهم لا شماتة

نعم، اللهم لا شماتة، نقولها وبألم شديد، فالشماتة ليست من شيم الأخلاق الفاضلة، فمن يتابع ما يجري في سوريا من قتل جماعي وهروب جماعي، وتدمير متواصل للمدن والقرى الجميلة، لا بد وأن يشعر بالحزن العميق على الضحايا الأبرياء من الشعب السوري الشقيق. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان بالإمكان تجنب هذا الدمار الشامل؟ بالتأكيد لا بد وأن يكون الجواب بنعم. وقد كتبنا، وكتب غيرنا منذ سنوات ننصح الدكتاتور بشار الأسد بأن يأخذ زمام المبادرة، ويقوم بالإصلاح السياسي بنفسه قبل فوات الأوان، وإلا سيحصل الحريق الذي لا يبقي ولا يذر، وسيكون مصيره كمصير نظيره، صدام حسين. نصحناه وغيره من الطغاة العرب الذين آووا القتلة البعثيين وأتباع القاعدة وأرسلوهم ليشعلوا الحرائق في العراق ويقتلوا أهلنا المسالمين الأبرياء بحجة محاربة "المحتل الغاشم". وحذرناهم بأن هذا الحريق لا بد وأن يصلهم ويحرقهم...فصمّوا آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا!

لقد بات معروفاً لدا القاصي والداني أن النظام البعثي الفاشي السوري كان يستقبل القتلة البعثيين المجرمين، والإرهابيين الوهابيين من شذاذ الآفاق، من بهائم السعودية الوهابية ودول شمال أفريقيا وغيرها ليقوم بتدريبهم وتنظيمهم ومدهم بالسلاح والمال، وإرسالهم إلى العراق لإشعال الحرائق فيه. وقد بذل رئيس الوزراء العراقي، السيد نوري المالكي، كل ما في جهده لإقناع بشار الأسد بالتوقف عن إرسال القتلة إلى العراق مقابل إبرام عقود اقتصادية في صالح سوريا تقدر بمليارات الدولارات. فما كان من بشار الأسد حتى هاج وماج وأنكر وجود أي بعثي عراقي في سوريا، ناهيك عن إنكاره لاستقبال الإرهابيين من أتباع القاعدة. ولم يكتفِ بهذا النفي، بل ما أن عاد السيد المالكي من دمشق حتى واستقبله الإرهابيون في اليوم التالي من وصوله إلى بغداد بسلسلة من التفجيرات الهائلة التي دمرت وزارتي المالية والخارجية، راح ضحيتها مئات المواطنين العراقيين، ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة. والجدير بالذكر أن المالكي كان هو المستهدف من تلك التفجيرات.

وهاهو الحريق يشتعل في كل أنحاء سوريا، بعد أن اشتعل في ليبيا ومازال في اليمن رغم إزاحة الدكتاتور علي عبدالله صالح... فماذا يقول بشار الأسد لنفسه الآن؟ لقد انقلب السحر على الساحر، فهاهم نفس القتلة الذين كان الأسد يجندهم ويرسلهم إلى العراق انقلبوا عليه وعلى الشعب السوري، وراحوا يقتلون السوريين تحت مختلف الذرائع، مثل الديمقراطية، وهناك القتل على الهوية الطائفية تماما كما عملوا في العراق.

نحن لم ولن نتعاطف مع نظام البعث السوري، فلا بد لهذا النظام الفاشي الجائر أن يسقط ويتخلص منه الشعب السوري، كما تخلص منه الشعب العراقي، فكعراقيين، نعرف ماذا يعني حكم البعث. ولكن من حقنا أن نسأل، أية ديمقراطية هذه التي يريد إقامتها النظام السعودي في سوريا، وهو أبشع نظام قروسطي متخلف، حيث يعتبر كل ما في الدولة من أرض وبشر وشجر ملكاً خاصاً للأسرة السعودية الحاكمة، بل وحتى الدولة تسمى باسم الأسرة. لقد عرف النظام السعودي كيف يستغل الظروف لصالحه، فهو على علاقة حميمة مع الدولة العظمى، أمريكا، إذ لولا الدعم الأمريكي للعائلة الحاكمة لما دام حكمها الجائر أكثر من أسبوع واحد. ولكن في الوقت الذي يتودد فيه هذا النظام إلى أمريكا يرسل القتلة الإرهابيين إلى العراق لقتل العراقيين والأمريكيين بذريعة تحرير بلد إسلامي من الاحتلال الأجنبي "الكافر". والذرائع والحجج لا تنتهي، فهناك فرسان البلاغة من كتاب وعاظ السلاطين، يقومون بتسخير اللغة للتلاعب بعقول الناس وتضليلهم، حيث استمر الإرهاب المدعوم من السعودية حتى بعد اسحاب القوات الأمريكية، وفي هذه المرة بحجة تحرير العراق من "الاحتلال الصفوي"!!. والمقصود بالاحتلال الصفوي هو مشاركة الشيعة في حكم بلادهم بما يتناسب وحجمهم وفق ما تقرره صناديق الاقتراع. لكن كيف لهؤلاء البدو الأجلاف أن يعرفوا لغة الانتخابات وصناديق الاقتراع، وقد تعودوا على حكم شعوبهم بالوراثة؟؟.

والسؤال هنا، كيف التقت السعودية مع أمريكا في الإطاحة بنظام بشار الأسد؟ الجواب واضح، وهو التقاء مصالح رغم اختلافها. فالسعودية وقطر تريدان اسقاط حكم بشار الأسد بدوافع طائفية لأن بشار الأسد من الطائفة العلوية (الشيعية)، إضافة إلى كونه حليف إيران الشيعية، وذلك للتخلص من خطر "الهلال الشيعي" الذي روجوا له منذ سقوط حكم البعث الصدامي. أما غرض أمريكا من إسقاط حكم البعث السوري فهو سياسي بطبيعة الحال، لأنه حليف إيران. وأمريكا تريد عزل إيران من حلفائها في المنطقة بسبب برنامجها النووي الذي يشكل تهديداً لأمن إسرائيلالذي يقع ضمن أولويات أمريكا في المنطقة. فإسقاط حكومة الأسد هو تمهيد لمواجهة إيران. ويذهب بعض المحللين السياسيين إلى أبعد من إيران كهدف، إذ يرون أنه حتى إسقاط النظام الإيراني هو هدف مرحلي لهدف استراتيجي أبعد، ألا وهو مواجهة روسيا والصين في المستقبل. فالحرب الباردة الجديدة بدأت بين الغرب والشرق، لذلك هدف أمريكا البعيد هو عزل الصين وروسيا من أي حليف لهما في المنطقة.

كتبت في نهاية العام الماضي مقالاً بعنوان: (بشار الأسد في نقطة اللاعودة)، بينت فيه أن الدكتاتور قد وصل نقطة اللاعودة، ومصيره أقرب إلى مصير صدام والقذافي، إذ ليس بإمكانه إنقاذ نظامه الجائر حتى ولو حاول القيام بإصلاحات سياسية لأن فاته الأوان، وسبق السيف العذل، وكما جاء في المثل: "الظلم لو دام دمر، يحرق اليابس والأخضر". وما يجري في سوريا، وقبلها في العراق وليبيا ومصر وتونس واليمن وغيرها، تأكيد على صحة هذه المقولة.

إن القتل والدمار الجاريان في سوريا الآن وما سيجري بعد سقوط نظام بشار الأسد سيفوق أضعاف ما حصل في العراق، وذلك لسبب واضح ينكره العرب بمن فيهم الليبراليون. فلحسن حظ العراقيين أن النظام البعثي الصدامي سقط على أيدي الأمريكان، الأمر الذي أرغمهم (الأمريكان) على حماية العراقيين من قتل بعضهم البعض، ومواجهة الإرهاب الوافد، بينما إذا سقط حكم البعث السوري على أيدي السوريين والإرهاب الوهابي الوافد ليس هناك من يحميهم من قتل بعضهم البعض وانفجار النزعات الانتقامية الطائفية. أدناه رابط فيديو يبيِّن ما ينتظره الشعب السوري من اقتتال طائفي على الهوية الطائفية، ومن تهديد للعراق (الرابط في الهامش).

الدرس الذي يجب على الطغاة السعوديين والقطريين أن يستخلصوه هو أنهم ليسوا أذكى من غيرهم من الطغاة العرب الذين أطيح بهم، فالحرائق التي أشعلوها في العراق، وساهموا في إشعالها في سوريا الآن، لا بد وأن تصلهم وتحرقهم كما أحرقت سوريا وغيرها... وعندها لن يفيدهم الندم ..

ورحم الله نزار قباني حين خاطب هؤلاء الحكام البدو:

متى تفهم؟

أيا جملاً من الصحراء لم يلجم
ويا من يأكل الجدري منك الوجه والمعصم...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عنوان المراسلة مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته." title="mailto:عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. CTRL + Click to follow link">عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الموقع الشخصي: http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.