اخر الاخبار:
تسقوبا/ تللسقف تحتفل بعيد الصليب المقدس - الخميس, 18 أيلول/سبتمبر 2025 10:33
زيلينسكي: مستعد لوقف إطلاق النار مع روسيا - الأربعاء, 17 أيلول/سبتمبر 2025 19:03
الإعدام بحق إرهابي أقدم على قتل خمسة عراقيين - الثلاثاء, 16 أيلول/سبتمبر 2025 10:36
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

في حضرة الجرح: اعترافات موجِّهة وإعلامية بين الفلسطيني والإسرائيلي// رانية مرجية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رانية مرجية

 

عرض صفحة الكاتبة 

في حضرة الجرح: اعترافات موجِّهة وإعلامية بين الفلسطيني والإسرائيلي

رانية مرجية

 

في قاعة صغيرة جلس فلسطينيون وإسرائيليون في دائرة واحدة. الوجوه متوترة، العيون حذرة، والأنفاس محمّلة بتاريخ طويل من الخوف والدم. كنت هناك، بصفتي موجِّهة وإعلامية، أراقب القلوب وهي تتوجس من بعضها، وأسأل نفسي: كيف يمكن أن تُثمر كلمة وسط هذا الركام؟

 

جرح يتكلم

كل مشارك جاء ومعه حقيبة من الذكريات. فلسطيني يتحدث عن أرض صودرت وبيت هُدم، وإسرائيلي يروي كيف فقد قريبًا في هجوم. الألم يتوزع بينهم لكنه لا يتشابه؛ لا يُقاس ولا يُقارن. هو شخصي، حميم، وأحيانًا لا يُطاق. دوري أن أساعدهم على رؤية الإنسان خلف الرواية، والوجه خلف الشعارات.

 

عاصفة الكلمات

لا يمر وقت طويل حتى ترتفع الأصوات. كلمة واحدة قد تشعل الجلسة: “احتلال”، “مقاومة”، “إرهاب”. كل مصطلح محمَّل بذاكرة وجروح. حين يشتعل النقاش، عليَّ أن أبقى ثابتة، أن أذكّرهم أننا هنا لنتحاور لا لنكرر الحرب. لكن في داخلي أيضًا عاصفة؛ فأنا ابنة هذه الأرض، وأعرف أن كل كلمة تُلقي بظلها على قلبي.

 

ميزان القوة المختل

يدخل الصراع إلى الورشة محمّلاً باختلالاته: بين قوي وضعيف، محاصر وآمن، صاحب امتياز ومحروم من أبسط الحقوق. هذا التفاوت يفرض نفسه حتى في نبرة الصوت. مهمتي ليست إلغاء الفجوة – فهذا مستحيل – بل الاعتراف بها، ومحاولة خلق مساحة يشعر فيها الضعيف أن صوته مسموع، دون أن يتحول القوي إلى متهم أبدي.

 

اللغة كساحة صراع

أي لغة نستخدم؟ العربية؟ العبرية؟ أم لغة ثالثة؟ كل خيار يفتح جرحًا. اللغة التي يفترض أن تقرّب، تتحول هنا إلى جدار آخر. كل كلمة تحمل معها هوية، ذاكرة، وأحيانًا صرخة غير منطوقة.

 

إنسانيتي المهدَّدة

أصعب ما أواجهه ليس الشجار ولا الانفعال، بل قدرتي على الحفاظ على إنسانيتي. أن أبقى جسرًا لا جدارًا. أن أُصغي دون أن أذوب. أحيانًا تسقط دمعة مني بصمت، لكنها دليل أنني لست آلة، بل إنسانة تحمل مع المشاركين ثقل الصراع.

لحظة الأمل

قد لا تُغيّر ورشة واحدة مسار تاريخ طويل من الدم، لكن حين يلتفت أحدهم إلى الآخر ليقول: “أنا لا أوافقك، لكنني أسمعك”، أعرف أن بذرة قد زُرعت. والبذور، حتى وإن طُمرت في أرض قاسية، تستطيع أن تشق طريقها نحو الضوء.

أنا رانية مرجية، موجِّهة وإعلامية. لا أدّعي أنني أملك الحل، لكنني أؤمن أن الحوار، رغم هشاشته وصعوبته، هو الطريق الوحيد. ففي أرضٍ أنهكها الصراع، يكفي أن نرى الآخر إنسانًا لا عدوًا، حتى نبدأ بكتابة حكاية مختلفة، أقل دمًا، وأكثر حياة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.