مقالات وآراء
الرئيس ترامب يلقي خطابا نيابة عن نتنياهو// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 25 أيلول/سبتمبر 2025 11:32
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 65
محمد حمد
الرئيس ترامب يلقي خطابا نيابة عن نتنياهو
محمد حمد
قبل أن يصعد الرئيس الأمريكي ترامب إلى المنصة ليلقي كلمة امريكا تخيلتُ أنه سيبداها على النحو التالي:
(سيداتي سادتي اهلا بكم في امريكا العظيمة. اسمحوا لي أن القي كلمةً نيابة عن اخي "غير الشقيق" بنيامين نتنياهو المشغول حاليا في إتمام مهمّته، بتوجيه شخصي منّي، في إبادة الشعب الفلسطيني في غزة. وطلب ايضا أن اسلّم عليكم واحدا واحدا محذّرا الجميع من غضب آلهة بني صهيون التي إذا غضبت "اعوذ بالله!" تهتزّ من غضبها اركان البيت الأبيض في واشنطن)
وهنا توقّف خيالي عن البث المباشر!
على كل حال، لم اكن بحاجة إلى الخطاب المطوّل للرئيس الأمريكي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة كي ارسّخ قناعتي بان اسرائيل هي التي تحكم أمريكا، وهذه الأخيرة تقوم بكل شيء نيابة عنها في الداخل والخارج. ومن تابع خطاب الرئيس الامريكي، واظنّ أنهم كانوا بالملايين، تخيّل أنه يرى أمامه مجرم الحرب نتنياهو مرتديا قناع ترامب وتعابير وجهه المكفهر. فالخطاب كان شكلا ومضمونا من صياغة وتنقيح حكام تل ابيب. فالعبارات والجُمل والمفردات، وكذلك اسماء الاعداء، سبق وأن سمعها العالم عدة مرات. وهي نفسها التي نسمعها كل يوم من قادة الكيان الصهيوني. والحقيقة تقال ان ترامب أدى الدور الذي اـنيط به من قبل تل أبيب بكل براعة وكفاءة دون ان "يتلعثم" من شدّة الاحراج والخجل من كونه يلقي خطابا في محفل أممي نيابة عن دويلة اسرائيل المتهمة من قبل الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية في غزة.
من المؤكد ان جميع الحاضرين في القاعة، وهم بالمئات، اصيبوا بخيبة امل كبيرة. فقد كانوا ينتظرون بفارغ الصبر "زبدة" خطاب امبراطور العصر ترامب. فلم يجدوا في ذلك الخطاب سوى "دهن حشايش" بدل الزبدة. وقد بدا على وجوه الجميع انطباع بانهم جاؤوا الى هنا للاستماع الى محاضرة "غير قيّمة" عن عظمة امريكا وقيمها (كالمخدرات والمثلية وتبادل الزوجات والمواخير في كل مكان..الخ) وهي قِيم ترفضها تلاثة ارباع دول وشعوب العالم.
ان الرئيس ترامب ركّز باختصار على عزة وعلى الحرب في اوكرانيا وتهّجم على الأمم المتحدة ودول أوروبا والناتو وإيران وحماس. وباسلوب مفرط بالنرجسية والغرور مدح نفسه كثيرا. وكان ينقصه فقط أن يقول "يا ناس يا عالم اعطوني جائزة نوبل للسلام" وذكر مفتخرا الحروب التي اوقفها دون مساعدة احد. لكن الحقيقة هي أن تلك الحروب التي ذكرها ترامب توقفت لانه لم يكن حلف الناتو يقف وراء أحد اطرافها كما في الحرب الأوكرانية التي عجز ترامب عن وقفها. ولا كما في الإبادة الجماعية في غزة التي تقف خلفها امريكا نفسها. ولهذا توقّفت تلك الحروب التي يفتخر ترامب بوقفها.
أن ما ميّز خطاب نتنياهو، عفوا اقصد ترامب، هو السلوك العدائي في التعامل مع الجميع. والتجاهل التام والمقصود لقضايا دولية مهمّة تشغل بال العالم. لقد مرّ على الشرق الأوسط مرور الكرام. وكانه عابر سبيل في عجلةٍ من أمره.
فلا السودان ولا ليبيا ولا سوريا ولا اليمن شغلت ربع سطر في خطابه "التاريخي" الطويل. فتلك الدول، ومثلها عشرات الدول الاخرى "تروح فِدوه" لدويلة شعب الله المختار، اسرائيل.
هكذا يـفكّر ترامب !