مقالات وآراء
الخريطة السياسية في الجزائر الجديدة// قرار المسعود
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 16 تشرين2/نوفمبر 2025 10:09
- كتب بواسطة: قرار المسعود
- الزيارات: 541
قرار المسعود
الخريطة السياسية في الجزائر الجديدة
قرار المسعود
المتتبعون لتحول ونهضة البلاد في عهدها الجديد، يرون ويسمعون ويشاهدون، هذا التغيير على كل الأصعدة بنسب متفاوتةٍ ومرضيةٍ إلا جانب النشاط المتمثل في ترتيب الأجندة المتعلقة بتحيين الرؤى الخاصة بمشروع المجتمع من طرف الجمعيات أو الأحزاب السياسية رغم ما بادرتْ بِهِ السلطة.
هذه ملاحظة، من مقارنة نشاط هؤلاء بصفة عامة ومن متابعة برنامج الطاقم الحكومي وتوعية الفرد التي ما زالتْ لا تُلبي ولا تساند الجانب التنموي للبلاد وبقيت محصورة ولم تخرج من بوتقة الانتخابات إلا في أثناء مرحلة الإستحقاقات وبدون برامج ورؤية يتطلع لها المواطن او المنخرط في توعيته وتحسيسه وما هو عائد بالفائدة في القضايا العامة للبلاد داخليا و خارجيا، كأن هؤلاء في سبات حسب تقديري إلا في بعض الأحداث والمناسبات القليلة بعيدا عما يحدث من محطات إيجابية أو سلبية أو بإعطاء موقف فيها سواء كانت خاصة بالداخل أو الخارج.
هناك مَنْ يقول هذا راجع:
- لقلة تجربة الممارسة السياسية نظرا لطبيعة نشأة البلاد الفتية.
- الإيمان بوضع برامج إستقطابية حقيقية بدل من الإنتظار بالتهريج من أجل الظفر بالمناصب خلال الحملات الانتخابية
- تفتح أكثر في حرية الرأي مقارنة بوعي الناخب
- فرض نمط حسب الواقع الذي عاشته البلاد حتى الآن. (العشرية السوداء) مثلا.
- فتح المجال السياسي تدريجيا تماشيا مع الوعي الإيديولوجي للمواطن والناخب والنخبة السياسية على حد سواء.
اليوم وبعد ثلاثة وستين سنة وبعد الأخذ والرد وأكثر من خمسة رؤساء تعاقبوا على البلاد وأحداث متعاقبة عرفها الوطن، يمكن أن يكون جرد تلقائي للمجتمع في رؤية تستمد من المبادئ الأساسية للمجتمع التي ضحى من أجلها وتحصل على إستقلاله وتكون لا شرقية ولا غربية وتتماشى مع الواقع وما يقتضيه العالم الحالي من مؤشرات وتحويل. كمواطن أرى، أنه يتحتم في هذه المرحلة التي نحن مقبلون فيها على إستحقاقات أن تكون مراجعة من طرف الأحزاب الموجودة والتي تريد دخول هذا المضمار، لتحيين برامجها وأن يكون طرحها متماشيا مع مسيرة الدولة الحديثة ومكانتها بحسب رؤية أديولوجية مبنية على أسس إستقطابية ثابة مستمدة من جذور واقع المجتمع الجزائري لا غير، حتى يكون ضمان إستمرار برنامج متكامل ومتلائم مع الميدان والمجتمع. ربما الحال في هذه الحقبة التي يمر بها التحول العالمي يتطلب إعادة النظر في ترتيب بعض المسائل مع البلدان التي اصبحت تتطلع لفرض مكانتها مع الركب قبل فوات الأوان.
فعهد السياسات المبنية على الظلم والبهتان والتسلط بالتضليل لم يعمر عهدها طويلا وانكشف أمرها وما عاد الأخذ بها اليوم، وما تشهده الأنظمة الغربية وغيرها من الرؤية اليمينية من إنهيار يثبت تصاعد الأغلبية الحقيقية المعاكسة لها. هذا ما كان يتنبأ به المفكر الروسي الكسندر دوغينّ في كتاب العالم متعدد الأقطاب: من الفكرة الى الواقع، يرتكز الكتاب على نقد النظام الدولي أحادي القطب الذي تشكّل بعد الحرب الباردة ويبررهذا المفكر أن إعادة تشكيل النظام الدولي يتطلب أن تقوم حضارات متعددة بدور الفاعل السياسي بدل دولة واحدة مهيمنة.
على هذا الضوء، أصبح في بلادنا، يفرض عهد تقديم الخطاب في طرح رؤى شفافة مقبولة ومهضومة على المواطن لا مفروض على إنشغالاته ومطالبه وبواقعية لكون هذا الخطاب المُسوق قد يُلبي طموح المواطنين وثابت بإيمان على المبادئ المسطرة في البرنامج الموافق عليه لا كما كان في محفظة تتجول حسب المناسبة، ولا تسبح إلا في المياه الغادرة وبرامج مستورة لها هدفها.
فالبرنامج المقدم على أساس العدل والإنصاف يحطم كل ما ينافسه من برنامج أيديولوجي وهو بمثابة الصخرة التي لا تهتز وتكسر كل محاولة تخرج على نطاق الواقع والمنطق. ولو كانت هذه المحاولة مدبرة ومدروسة من خارج هذا النطاق يشبه فن الطريقة التي تسير بها البلاد بشعار الجزائر الجديدة والمنتصرة. فالنمط الحزبي يهدف لتصنيف المجتمع من خلال رؤية إديولوحية وأخذها كمبدأ يناضل عليها فئة من المؤمنين بتلك البرامج. وأما ما يسمى بالمرشح الحر فهو الخارج على كل قيد إديولوجي ويستمد عمله من الواقع الذي يجعله يخطف من كل البرامج الأحزاب تلقائيا وليس مقيدا بها مما يجره الى رضى المواطن عامة وبالتالي الى تطبيق نظرة شاملة تقارب البرنامج الالهي المعد للبشرية.
تجربة الجزائر في عهد بن بلة وبومدين لم تخضع لحزب ولا للرؤية الإشتراكية بعينها، بل كانت مرحلة محتومة تخرج على النمط الرأسمالي وتقتصر على المرجعية الثورية من خلال شعلة الإستقلال. فمسألة تسلط الأفكار لجلب المجتمع الغربي هي قديمة كانت بواسطة رؤية الكنيسة كبرنامج مسطر ومقدس ينتهجه المجتمع حتى إنهار بإظهار عيوبه وتمرد المواطن من عبودية الكنيسة. جاء عهد الحرية المطلقة والعمل بمبادئ الحرية الفردية كمنهاج جديد (ديكارت وروسو) وتجمعت فئات في رؤية موحدة. (شيوعية – رأسمالية – إشتراكية )، فاتضح اليوم أن كل الطرق التي مرت بها المجتمعات بائت بالفشل ولم تعد واحدة صالحة لكل الأزمنة أو الإختيارات لأن حقيقتها لا يلبي السير الواقعي للشعوب والمجتمعات إلا فئة معينة وتنفي الأخرى التي تبقى تطالب بتحول الوضع حتى تأتيها الفرصة ولا طريقة مثالية تلبي رغبة الجميع لأنها مبنية على رؤية فئة معينة فقط. فأصبحت مختلفة القناعات والأهواء (ديمقراطية – وملكية – وطنية – إجتماعية – جمهورية -) فانبث منها أنظمة جعلت دول مختلفة الأنماط في نظام التسيير (مالكي متشدد - مالكي ديمقراطي - برلماني - جمهوري - رئاسي متشدد - رئاسي إجتماعي) كلها أنماط من أجل إرضاء مجتمع ما.


