مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1409)- المقام العراقي رواية العراقيين- 15
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 21 تشرين1/أكتوير 2025 19:58
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 734
حسين الاعظمي 
يوميات حسين الاعظمي (1409)
المقام العراقي رواية العراقيين- 15
من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)
تحت عنوان داخلي مركزي
المقام العراقي رواية العراقيين- 15
الكاريزما الشخصية (هامش1)
الفطرة الشخصية للفرد، هي اساس كل شيء..! وعليها تبنى التجربة الحياتية للفرد في مسيرة الحياة ونضوج التجربة والناحية العقلية والفكرية للفرد الفنان او غير الفنان. وما دام مجال بحثنا هنا عن الفنان الغناسيقي، أو عن المغني المقامي العراقي. فان شخصيته بوصفه مؤديا غنائيا للمقامات العراقية، أو في أي مجال آخر من الفنون الاخرى. قادرة على ان تعكس نفسها في المجتمع بصورة تكاد تكون كاملة..! قادرة على ان تعرض بحرية كل صفاتها،بغض النظر عن قيمتها.قوية ام ضعيفة.رائعة ام تافهة.فمكانتها في الحدث هي على نحو لاتستطيع معه إلا أن تتصرف وتعبِّر عن نفسها وعن قيمتها بصورة تكاد تكون عفوية تماما..!
ليس صعبا جدا ادراك العوامل المشتركة بين المغني المقامي العراقي، وبين الفن الغنائي بشكل عام. الذي يتوجب عليهما معا معالجة التفاصيل الحياتية المعاشة.وهذه بالضبط، احدى المفاتن الكثيرة التي تتميز بها النتاجات الغنائية المقامية الناجحة..! التي يُوكل أمر نجاحها في الاعم الاغلب الى شخصية المغني الظاهرة والخفية..!الى قيمة ممتلكاته الفنية. عفوية ام عقلية. فالقيمة الفنية لمقام المنصوري مثلاً، او أي مقام آخر من المقامات العراقية، المؤدى من قبل محمد القبانجي. غير القيمة الفنية لنفس المقام العراقي المؤدى من قبل غيره..! وهكذا ينطبق المثل على كل النتاجات المقامية العراقية التي يعوَّل فيها على الممتلكات التي يتمتع بها المغني الفنية والشخصية بصورة عامة. لأن المغني الناجح بأوفر متطلبات الاداء، يخلق مواقف تظهر فيها الانعكاسات التعبيرية ذات الاهمية الكبيرة، اذا صح التعبير. وهي مواقف يخطو فيها المغني الناجح خطوات طبيعية صحيحة وفق مقومات الاداء الفني الصحيح.
ان المنافسات الفنية بين المغنين في هذه التفاعلات، هي منافسات اخلاقية في معظمها. فالمؤدون المتنافسون الكبار ومثالهم رحمة الله شلتاغ واحمد الزيدان ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي.يمثلون من الناحية الفنية والاجتماعية، وبالتالي من الناحية الاخلاقية حالة متشابهة كثيرا. فمجال تصرفاتهم الاخلاقي والفني هو ذاته تقريبا، حبا بهذا التراث ومن اجل الحفاظ عليه وبالتالي نتاجات مقامية ناجحة.
التعبير الغنائي الفني
مرة اخرى نتحدث عن مسالة التعبير الفني، بالمعنى الادائي للمقامات العراقية. فإعجاب المغنين الكبار امثال رشيد القندرجي ومحمد القبانجي ونجم الشيخلي وجميل البغدادي وجميل الاعظمي وغيرهمبالمقامات العراقية الرئيسية. وهي على العموم المقامات الكبيرة في نواحيها اللحنية باصولها التاريخية والتقليدية. او بالمقامات العراقية بصورة عامة. رئيسة او فرعية. التي حُشِّدَ لها من تفاصيل الاصول التقليدية ما يكفي ان يُنظر إليها على انها مقامات عراقية تاريخية غاية في الرصانة ومن الوزن الثقيل..! ويأتِ هذا الاعجاب من لَدن المغنين الكبار بهذه المقامات العراقية بوصفها مقامات تمتلك اقصى درجات التعبير الادائي الاصولي والتاريخي للمقامات العراقية. وهي بالتالي تمتلك اقصى درجات التعبير عن شجون الانسان العراقي الذي عاش حقب تاريخ هذه المقامات وساهم في بلورتها وانضاجها حتى وصلتنا وهي زاخرة بهذه التراكمات التاريخية. التي جعلتنا نكتشف الوسيلة الممكنة التي يتمكن منها الفن الادائي المقامي العراقي من خلال مؤديه الكبار. من عكس الواقع التاريخي والعاطفي والنفسي والاجتماعي والسياسي و....و...عكساً كافياً لحياة العراقيين خلال القرون الماضية دون مبالغة او تزويق. وهكذا يُضفي المغنون الكبار في غنائهم المقامي طابعا انسانيا واخلاقيا بواسطة تراثهم الحضاري.وعليه يكمن فن هؤلاء المغنين الكبار بالضبط، في تفريد نتاجاتهم المقامية باسلوب يصل الى قلوب الناس بكل سهولة ويسر. باسلوب تتوضح فيه سمات فردية محضة معينة للشخصية..! خاصة بها تماما. حية خالصة جدا. مع العصر الذي يعيشون فيه. مع الغاية التي يسعون اليها. وهم في نفس الوقت يمثلون الحاجة التاريخية لشخصياتهم الفردية الخاصة، والدور الخاص الذي يلعبه كل منهم في المسيرة التاريخية للغناء المقامي العراقي.
ان احد النتاجات المقامية الفذة في التصوير والتأمل هو مثلاً. الاسلوب الذي يكثف به محمد القبانجي جميع السمات التي تحكم منذ البدء بنجاح الاداء..! وخلال سير الغناء تبدو هذه السمات محسوسة، خاصة في علاقتها بالمتلقي. ان هذه العملية تُضيف وعياً الى هذه المشاعر، ولكن بطريقة مختلفة تماما. يصور فيها القبانجي تفوق الناحية الفنية لمكونات المقام العراقي ومقومات الغناء. ومن ثم وفي كامل سير المقام، وليكن مقام الهمايون مثلاً، المغنى بقصيدة عبد الغفار الاخرس وهذا مطلعها.
(طهر فؤادك بالراحات تطهيـــرا / ودم على نهبــك اللذات مسرورا)
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
1 – الكاريزما: تعود كلمة كاريزما إلى أصولٍ يونانيّة مشتقة من كلمة (Charis) وتعني نعمة أو لطف، او هبة إلهية تجعل المرء مُفضلاً لجاذبيته. وفي الإنجليزيّة (Charisma) تدل على معنى "المغناطيسية الشخصية" والجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص.في القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم عاطفيا وثقافيا. هي سلطة فوق العادة، سحر شخصي، شخصية تثير الولاء والحماس.وتعرف الكاريزما بأنّها قوة الجاذبية الشخصيّة التي يمتلكها بعض الأفراد فطريّاً، وتجعلهم قادرين على التأثير في الأفراد وسحرهم ولفت انتباههم واكتساب إعجابهم.
صورة واحدة / في الساحة الوسطى لبناية معهد الدراسات الموسيقية ببغداد وفي منتصف الثمانينات من القرن المنصرم. تقف مجموعة من الاساتذة والطلبة، من اليمين ستار ناجي وحسين الاعظمي(مدرس) وصباح ابو هاشم وحميدة الجزائرية ومحمد فرج و د.حبيب ظاهر العباس(المدير) و د.هيثم شعوبي(مدرس) وانيتا بنيامين وكريم يوسف وغازي يوسف والجالس عماد كاظم.


