مقالات وآراء
وادي المخازن وخلل الموازين- الجزء السابع// مصطفى منيغ
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 05 تشرين2/نوفمبر 2025 10:07
- كتب بواسطة: مصطفى منيغ
- الزيارات: 74
مصطفى منيغ
وادي المخازن وخلل الموازين- الجزء السابع
مصطفى منيغ
القصر الكبير : المغرب
الحنين مرآةٌ عاكسة أقوالٍ اتُّهِمَ المستعين بها للإطلاع ثانية على التسجيل الحي لتلك النَّدوَة ، تركيزاً على مداخلاته إن تخلَّلتها ما يُغضب جانباً يفكِّر في توجيه دعوَة ، لبيادق مرتزقة أُجْرَتُهُم المُرتفعة تغْني عن التعمُّق في الأسباب بل تَنفيذهم أَعْمَى مُنْتَهِي اعتماداً على قانون الغاب بلا أحدٍ سَمَعَ ولا آخر رأى ولا قادرٍ على ترديد كلمة في الموضوع أكانت قاسية أو نَغْوَة ، الحنين ملجأ مَقرّه سابح بين الذاكرة والعقل الباطني وحواس الإدراك سفراء روح إنسانٍ لضبط الممكن المباح متى امتثل إيمانه لِقَدَرِهِ والتزم الصبر على مُعرياتٍ مفاتنها في فتنة شرورها إذ لحظة من انغماسٍ في لذة من لذاتها ابتياعُ لشقاء العمر كله وانتحار في أقربِ مَطوَة .
... مدينة القصر الكبير مرفوع جزء منها على أكُفِّ القلعة الرومانية " أبيدوم نوفوم" (المدينة العامرة) عرفت من الأجناس ما مكَّنها من تجربة انسانية قادَتْها عبر عصور لتأسيس ثقافة التعايش بين بني البشر أكانوا الوافدين عليها من أوربا أو الشرق لا فرق ، مكونين عُنصراً تتجلَّى فيه أسمى إقبال على حياةٍ ، سُلطَتها القوة ساعة الدفاع عن النفس والمكتسبات ، وركائزها تعمير أرض تمتاز عن المتروكة في اليونان أو لبنان أو الطليان ، بتربتها الخصبة ، وهوائها المعتدل ، وتوفر المياه ، والطبيعة السمحة الحافظة على التوازن الجوي خلال مواقيت محددة ، تعين على التنقل والزرع وتربية المواشي وتملُّك مواقع لمناشدة البقاء ، ممارسة للحرية ،وتمتُّعاً بالإنصاف ، والتعامل دون تفريق بين أبيض أو أسود ، وهذا قوِي لأنه رجل وهذه ضعيفة لأنها امرأة ، ومع توالي القرون وتجدد الأجيال تكوَّنت عقلية محلية محافظة على الجذور ، ومتفتحة على متطابات العصور ، ممَّا جعل القصر الكبير نموذجاً يُحتذا بتجربة المنتسبين إليه من عهود لم يبق منها غير الاسم وعدة أطلال مُهملة بفعل فاعل إلي ألان ، في استرسال آدمي متحضِّر النشأة لا نظير له ، ومتَى حلَّ موعد شَهِير مع حدث أشهر شهرة ، للإفصاح عن أسئلة امتحان عسير ، لا جواب عليها جميعها لضمان النجاح مع الامتياز الممتاز المعزَّز بمرتبة شرف الشرف ، سوى "الانتصار" والقاطع إن شاء المُحِق في التعبير عمَّا جرى في ذاك اليوم 30 جماد الآخرة عام 986 الموافق 4 أغسطس سنة 1578 ، حيث ملحمة معركة وادي المخازن ابتدأت لتنتهي بقيادة عبد المالك المعتصم بالله السعدي الحسني ، كما أرادتها القصر الكبير ، المتحمِّلة العبء الأكبر من الاحتضان و التنظيم والإعداد والتجهيز لها ، وما ترتَّب عن ذلك من مسؤوليات الإيواء ومعالجة المصابين ، واهم مما سبق المكانة التي أصبحت تشغلها على الصعيدين الوطني والعالمي ، وما تلى ذلك ولأعوامٍ طويلة ، من توسعات مهما كانت المجالات ، عقارية أو اقتصادية أو سياسية ، ممَّا عرَّضها لمضايقات ما انتهت ، ولحدِّ الساعة يُنظَر إليها بحذر كبير من طرف جملة من حكام ، على توالي الأيام ، لا يرتاحون لذكاء ونبوغ القصريين جملة وتفصيلا ، إذ يكفي القليل منهم لتبديل الحال الى أحسن مآل ، بما يتوفرون عليه من عقول محشوة بلب العلم مهما كانت فروعه ، ومعرفتهم الدقيقة المتكاملة لتاريخ مدينتهم ، ليس المتداول بين بعض المقتبسين من هناك وهنا ، ويقولون هذا إنتاجنا ، بتوجيه مباشر من السلطة ، ولكن التاريخ الحقيقي حيث الوقائع كما وقعت ، ومن كان وراءها من مناضلين شرفاء ، مهما قابلتهم من مشاكل ، ناتجة عن جرأتهم في الصدع بالحقيقة ، خدمة للحق ولا شيء سواه .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي


