اخر الاخبار:
ليل بغداد يهتز بأصوات غامضة.. توضيح أمني - السبت, 29 تشرين2/نوفمبر 2025 20:54
ترمب يعلن إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا - السبت, 29 تشرين2/نوفمبر 2025 20:46
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لا خيارات داخل المتاهة الطائفية إلا بكسر الهيمنة الأميركية// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علاء اللامي

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

لا خيارات داخل المتاهة الطائفية إلا بكسر الهيمنة الأميركية

علاء اللامي*

 

إن الاختيار بين المالكي والسوداني كالاختيار بين الانتحار بالسم أو بالمشنقة، فالأول سيقود البلد الى الاقتتال والتقسيم والثاني إلى تبعية أكثر لواشنطن والتفريط بما تبقى من مصالح العراق والحل في كسر الهيمنة الأميركية!

 

خلاصة: الإقطاع السياسي عبر أحزاب الفساد التي تزعم تمثيل المكونات الطائفية والإثنية يريد موظفا في مجلس الوزراء ينفذ طلباته اللصوصية لا رئيساً للوزراء، ودستور المكونات مع الإقطاع السياسي في التفريق بين "رئيس الوزراء" و"رئيس مجلس الوزراء" أما المعارضة على اختلاف مشاربها فتقفز على أساس البلاء المتمثل بالعملية السياسية الطائفية التي جاء بها الاحتلال الأميركي وتغازل الأميركي عساه يرأف بحالها ويطيح بخصومها الحاكمين وهذا وهم مرضي خطير:

 

*الدستور لا ينص على منصب رئيس وزراء بل رئيس مجلس الوزراء فما الفرق؟ نصَّ الدستور العراقي في سبع من مواده من 76 إلى 83 على وجود منصب "رئيس مجلس الوزراء" وبيَّن مهمات هذا الرئيس، ولم ينص قط على عبارة رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء أو الوزير الأول. هل هناك فرق بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس الوزراء؟ نعم، ثمة فرق وقد لا يبدو ظاهرا بشكل واضح، فرئيس المجلس مهمته الأولى - كما تذهب دلالات العبارة - هي إدارة المجلس ضمن صلاحيات محددة، وعددها ست صلاحيات عامة وواسعة. ورئيس الوزراء أو رئيس الحكومة مهمته قيادة الوزراء أو الحكومة ضمن صلاحيات محددة أيضا ولكنها أوسع. ففي الدول البرلمانية العادية في مقدمتها نظام الحكم البريطاني هناك رئيس الوزراء وليس رئيس مجلس الوزراء أما في العراق ونظامه برلماني أيضا ولكن رئيس الوزراء لا يمكنه فرض إرادته وقراراته على مدير عام يتبع إلى مكون آخر أو كتلة نيابية مختلفة عن كتلة الرئيس! وطالما اشتكى الرؤساء في مقدمتهم نوري المالكي في ولايتيه من أنه مقيد الصلاحيات ولا أمر له على وزرائه وانه لا يمكنه فعل شيء معهم سوى شكواهم إلى البرلمان. وفي البرلمان لا توجد معارضة وموالاة، بل توافق وصفقات سرية بين رؤساء الكتل النيابية وقيادات أحزاب الفساد.

 

معلوم أن الدستور العراقي يقوم على أسس منها أن الدولة العراقية دولة مكونات "هويات فرعية" لا دولة هوية رئيسية وهو لا ينص على ذلك تفصيلا وصراحة بل عبر تكرار كلمة "المكونات" وضرورة المساواة والتوازن بينها. ولتحقيق هذا التوازن والمساواة تم اللجوء إلى نظام حكم التوافق (الصفقات) والمحاصصة الطائفية والعرقية حسب الوزن السكاني لكل مكون.

 

*إن الهدف الأميركي الأول والذي نفذه كاتب مسودة الدستور هو خلق دولة مكونات ذات صلاحيات متناقضة ومتضاربة وغامضة أشبه بالمتاهة التي لا يمكن الخروج منها. الخروج منها يعني كسر الهيمنة الأميركية في جميع المجالات ووقف التدخلات الإقليمية وفي مقدمتها الإيرانية الحامية لسلطة أحزاب الفساد، وإعادة كتابة الدستور على أساس وطني عراقي لا مكوناتي طائفي وإثني. إن التعويل على الطرف الأميركي لتغيير الوضع في العراق هو كالتعويل على الشيطان لدخول الجنة فأميركا خلقت هذا الوضع وأسست هذا النظام على شكل متاهة جنونية لكي تقتل العراق وتتركه ميتا سريرا يقوده لصوص سرقات القرن والعصابات الدموية من زاخو إلى الفاو.

 

*ولهذا اعتبرت زعامات الاقطاع السياسي الكردي أي محاولة لإعادة كتابة الدستور أو تعديله أشبه بالمستحيلة إن لم تكن مستحيلة فعلا. وقد صمم الدستور وخاصة المادة الخاصة بالتعديلات بحيث يسقط أي تعديل إذا اعترض عليه الناخبون في ثلاث محافظات في الاستفتاء العام (ليس مصادفة أن يكون العدد "ثلاث محافظات"، وهو عدد محافظات منطقة الإقليم الكردي التي كانت تحت حماية الناتو المباشرة وخارج سيطرة بغداد منذ 1991، وثمة أيضا المحافظات الثلاث ذات الغالبية العربية السنية؛ نينوى والأنبار وصلاح الدين). بمعنى إذا وافقت جميع محافظات العراق البالغة 18 محافظة على التعديل الدستوري واعترضت المحافظات الكردية فقط أو العربية السنية لوحدها سيسقط التعديل!

 

*عمليا، وفي أكثر من مناسبة هدد بارزاني ومعاونوه صراحة بالحرب الأهلية إذا تم تعديل أو تغيير الدستور، الذي سُن في سنوات الاحتلال الأولى وتم التصويت عليه خلال أيام ودون مناقشات وبمباركة من المرجعية الدينية السيستانية التي دعت علنا جمهورها الشيعي إلى التصويت عليه بنعم، وقد التحق بها قبل يوم أو يومين من موعد الاستفتاء فرع حركة الإخوان المسلمين العراقي "الحزب الإسلامي" الذي كان بزعامة طارق الهاشمي (فر لاحقا إلى تركيا قبل اعتقاله بتهمة التورط في أعمال إرهابية لمصلحة تنظيم القاعدة وما يزال هاربا حتى اليوم).

 

*وإذا كانت المرجعية الشيعية تتحمل مسؤولية الدعوة إلى التصويت بنعم، فالإخوان المسلمون يتحملون مسؤولية إسقاط فيتو المحافظات الثلاث ذات الغالبية العربية السنية بدعوتهم الناس إلى التصويت بنعم. ورغم تلك الدعوة الإخوانية رفضت غالبية الجمهور الدستور في محافظة صلاح الدين ومرَّ بفرق صغير في نينوى والأنبار مع اتهامات قوية ومبررة بتزوير النتائج.

 

 *هذه المتاهة الأميركية صنعت داخل الدستور العراقي لمصلحة الزعامات الإقطاعية الكردية أولا، وهناك مواد دستورية تجعل يد سلطات الإقليم أعلى من سلطات الدولة العراقية. فالمادة (115) والتي نصّها «كل ما لم يُنَصّ عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما». إنّ هذه المادة هي بمثابة طعنة نجلاء في صميم مبدأ «السمو الدستوري» المعتمد عالمياً، فالدستور هو السلطة الأسمى والأعلى في الدولة، والذي لا تعلو أو تسمو عليه قوة أو سلطة أخرى، وهو التعبير الرسمي والأوضح عن السيادة الوطنية للأمة على أرض وطنها. وهي تهدف ثانيا لأن يعيش العراق حالة توتر وانعدام استقرار مستمرة وعميقة نتيجة الاختلافات والصراعات حول مواد دستورية قابلة للتأويلات المتناقضة. ولهذا كان الدستور إلى جانب الطرفين أو الأحزاب المتصارعة لأنه يعطي لكل طرف ما يريد. فالثروات الطبيعية كالنفط والغاز هي كما تنص المادة 111 ملك الشعب العراقي حصرا، ولكن المادة 112 ثانيا، تنص على أن إدارة النفط والغاز تتم بشكل ثنائي بين الإقليم والمحافظات والدولة الاتحادية. وهنا فالإقطاع السياسي الكردي تصرف بشكل مستقل وعقد العقود مع الشركات الأجنبية واستخرج وصدر النفط والغاز من دون الاتفاق مع بغداد، معتمدا على المادة 112 أما الإقطاع السياسي الشيعي فقد رفض هذا التصرف من أربيل معتمدا على تفسيره الخاص للمادة 111. وحتى في حالة حلاف كهذا فإن القرار النهائي والأخير يكون للطرف الكردي بموجب المادة 115 سالفة الذكر ووافقتها في ذلك حكومة تركيا التي تبنت موقفا معاديا للعراق ووافقت على تصدير النفط العراقي المهرب عبر أراضيها. ولكن محكمة دولية في باريس هي "لجنة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية" حكمت لمصلحة العراق وفرضت عقوبة مالية (مليار ونصف مليار دولارتقريبا) على تركيا وأمرت بوقف التصدير وهذا ما كان ويقال إن حكومة السوداني تنازلت عن هذه الأموال الواجبة للعراق - المليار ونصف المليار دولار – تنازلت عنها لحكومة أردوغان في اتفاقية المياه الأخيرة ومع ذلك فالمياه لم تصل حتى الآن!

 

*هذا مجرد مثال على تناقض وسوء وبؤس الدستور المكوناتي العراقي والذي هو متاهة تدميرية أغرِق العراقُ فيها حتى اليوم.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.